قال: قلت: إنّى والله ظننت أنّك قد قتلت، قال: بل قتلت الرجلين عاديت بينهما، فقلت له: الهرب الآن؛ فالطّلب والله فى أثرك، ثم أخذت به على غير الطريق، فما سرنا إلا قليلا حتّى قال: أخطأت والله الطريق، وما تستقيم الريح فيه، ثم نظر، فما لبث أن استقبل الطريق، وما كان (والله) سلكها قطّ، قال: وسرنا إلى الصباح، فقلت له: انزل، فقد أمنت، فأنخنا الإبل، ثم انتبذ فنام فى طرفها، ونمت فى طرفها الآخر، ورمقته، حتى إذا أدّى إلىّ نفسه وانحطّ طرفاه نوما، فنمت رويدا، فإذا هو قد استوى قائما! فقال: شأنك؟
فقلت: سمعت حسّا فى الإبل، فطاف معى بينها. فقال: والله ما أرى شيئا فنم، فنمت، فنام، وقلت: عجلت قبل أن يستثقل، فأمهلته حتى إذا تملأ نوما قمت رويدا فإذا هو قد استوى قائما! وقال: ما شأنك؟ قلت: سمعت حسّا، فطفت وطاف معى، ثم قال: أتخاف شيئا؟ قلت: لا، قال: فنم ولا تعد، فإنّى قد ارتبت منك! فأمهلته، حتى إذا استثقل قذفت بحصاة إلى رأسه، فوثب، وتناومت فأقبل نحوى فركضنى برجله، وقال: أنائم أنت؟
قلت: نعم، قال: أسمعت ما سمعت؟ قلت: وما (الذى) سمعت؟ قال:
إنّى سمعت عند رأسى مثل بركة الجزور! قلت: فذلك (الذى) أحذر، فطاف بالإبل فطفت (معه) فلم نر شيئا، فأقبل علىّ مغضبا تتوقّد عيناه، فقال لى قد علمت ما تصنع (منذ الليلة) والله لئن عدت ليموتنّ أحدنا، ثم أمّ مضجعه، قال: فو الله لبتّ أكلؤه مخافة أن يوقظه شىء فيقتلنى، وتأمّلته مضطجعا، فإذا هو على حرف، ما إن يمسّ الأرض إلا منكبه وحرف ساقه، وسائره ناشز منه، فلمّا استيقظ قال: ألا ننحر جزورا فنأكل؟ قلت: بلى،