للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٩* والمتكلّف من الشعر وإن كان جيّدا محكما فليس به خفاء على ذوى العلم، لتبيّنهم فيه ما نزل بصاحبه من طول التفكّر، وشدّة العناء، ورشح الجبين، وكثرة الضرورات، وحذف ما بالمعانى حاجة إليه، وزيادة ما بالمعانى غنى عنه. كقول الفرزدق فى عمر بن هبيرة لبعض الخلفاء [١] :

أولّيت العراق ورافديه ... فزاريّا أحذّ يد القميص

يريد: أولّيتها خفيف اليد، يعنى فى الخيانة، فاضطرّته القافية إلى ذكر القميص [٢] ، (ورافداه: دجّلة والفرات) .

١٠٠* وكقول الآخر:

من اللّواتى والتى والّلاتى ... زعمن أنى كبرت لداتى

١٠١* وكقول الفرزدق [٣] :

وعضّ زمان يا ابن مروان لم يدع ... من المال إلّا مسحتا أو مجلّف [٤]

فرفع آخر البيت ضرورة، وأتعب أهل الإعراب فى طلب العلّة [٥] ، فقالوا وأكثروا، ولم يأتوا فيه بشىء يرضى [٦] . ومن ذا يخفى عليه من أهل النظر أنّ


[١] من أبيات فى ديوانه ٤٨٧- ٤٨٨ والأغانى ١٩: ١٧ يخاطب بها يزيد بن عبد الملك والبيت فى اللسان ٤: ١٦٤ و ٥: ١٥. واللآلى ٨٦٢ مع آخر.
[٢] هذا التفسير يوافق تفسير الجوهرى قال فى اللسان: «وقد قيل فى الأحذ غير ما ذكره الجوهرى، وهو أن الأحذ المقطوع، يريد أنه قصير اليد عن نيل المعالى، فجعله كالأحذ الذى لا شعر لذنبه- يعنى البعير الأحذ- ولا يحب لمن هذه صفته أن يولى العراق» .
[٣] من قصيدة طويلة فى ديوانه ٥٥١- ٥٦٩، النقائض ٥٤٨- ٥٧٦ وجمهرة أشعار العرب ١٦٣- ١٦٨. والبيت فى اللسان ٢: ٣٤٦ و ١٠: ٣٧٥. وسيأتى ٩٩ ل.
[٤] هكذا رواية اللسان والجمهرة «مجلف» باللام، وقال فى اللسان: «المسحت:
المهلك، والمجلف: الذى بقيت منه بقية» ورواية الديوان والنقائض «أو مجرف» بالراء، ومعناهما متقارب.
[٥] س ب هـ «فى طلب الحيلة» .
[٦] س ب هـ «يرتضى» .

<<  <  ج: ص:  >  >>