للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو الطيب المتنبي «١» :

إذا شئت حفّت بي على كلّ سابح ... رجال كأنّ الموت في فمها شهد «٢»

فهاتان لفظتان هما العسل والشهد، وكلاهما حسن مستعمل لا يشكّ في حسنه واستعماله، وقد وردت لفظة العسل في القرآن، دون لفظة الشهد؛ لأنها أحسن منها، ومع هذا فإن لفظة الشهد وردت في بيت أبي الطيب فجاءت أحسن من لفظة العسل في بيت الأعرج.

وكثيرا ما نجد أمثال ذلك في أقوال الشعراء المفلقين وغيرهم، ومن بلغاء الكتاب ومصقعي الخطباء.

وتحته دقائق ورموز إذا علمت وقيس عليها أشباهها ونظائرها كان صاحب الكلام في النظم والنثر قد انتهى إلى الغاية القصوى في اختيار الألفاظ ووضعها في مواضعها اللائقة بها.

واعلم أن تفاوت التفاضل يقع في تركيب الألفاظ أكثر مما يقع في مفرداتها؛ لأن التركيب أعسر وأشق، ألا ترى ألفاظ القرآن الكريم من حيث انفرادها قد استعملها العرب ومن بعدهم، ومع ذلك فإنه يفوق جميع كلامهم ويعلو عليه، وليس ذلك إلا لفضيلة التركيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>