الشريطة فرارا من أن يكون المعنيان شيئا واحدا، ونرى قد ورد في القرآن الكريم لفظتان بمعنى واحد في آخر إحدى الفقرتين المسجوعتين، كقوله تعالى: واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا»
وكل رسول نبي.
قلت في الجواب: ليس هذا كالذي اشترطته أنا في اختصاص كل فقرة بمعنى غير المعنى الذي اختصت به أختها، وإنما هذا هو إيراد لفظتين في آخر إحدى الفقرتين بمعنى واحد، وهذا لا بأس به؛ لمكان طلب السجع، ألا ترى أن أكثر هذه السورة التي هي سورة مريم عليها السلام مسجوعة على حرف الياء، وهذا يجوز لصاحب السجع أن يأتي به، وهو بخلاف ما ذكرته أنا؛ ألا ترى أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد غيّر اللفظة عن وضعها طلبا للسجع، فقال:«مأزورات» وإنما هي موزورات، وقال:«العين اللّامّة» وإنما هي الملمّة، إلا أنه ليس في ذلك زيادة معنى، بل يفهم من لفظة مأزورات أنها قائمة موزورات، وكذلك يفهم من لفظة لامّة أنها بمعنى ملمّة؛ فالسجع قد أجيز معه تغيير وضع اللفظة، وأجيز معه أن يورد لفظتان بمعنى واحد في آخر إحدى الفقرتين، ومع هذا فلم يجز في استعماله أن يورد فقرتان بمعنى واحد؛ لأنه تطويل محض لا فائدة فيه، وبين الذي ذكرته أنت وبين الذي ذكرته أنا فرق ظاهر.
والذي قدمت من الأمثلة المسجوعة للصابي والصاحب ابن عباد ربما كانت يسيرة أتّهم فيها بالتعصب، ويقال: إني التقطتها التقاطا من جملة رسائلهما، وقد خرجت من عهدة هذه التهمة، وذاك أني وجدت للصابي تقليدا بنقابة الأشراف العلويين ببغداد، وكنت أنشأت تقليدا بنقابة الأشراف العلويين بالموصل؛ وقد أوردت التقليدين ههنا؛ ليتأملهما الناظر في كتابي هذا، ويحكم بينهما إن كان عارفا أو يسأل عنهما العارف إن كان مقلّدا.
وقد أوردت تقليد الصابي أولا؛ لأنه المقدم زمانا وفضلا، وهو: «هذا ما عهد أمير المؤمنين إلى محمد بن الحسين بن موسى العلويّ، الموسوي، حين وصلته به الأنساب، وتأكّدت له الأسباب، وظهرت دلائل عقله ولبابته، ووضحت مخايل فضله ونجابته، ومهد له بهاء الدولة وضياء الملة أبو نصر بن عضد الدولة وتاج