الفضيلة أن يقال فلان الشريف، ومن حفظ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيها أن توفي فضل مكانها، وتخالف بين شأن غيرها من المسلمين وبين شأنها؛ فلا تبتذل بمجالس الولاة في انتزاع ظلامة، ولا في إقامة حد يسلب معه رداء الكرامة، وأنت تتولّى ذلك منها وجب عليها من حق فخذها باقتضائه، وأمض فيها حكم الله الذي أمر بإمضائه، وليكن ذلك على وجه الرفق الذي يسلس له القياد، ويتوطأ له المهاد، وإن أمكنك افتداء شيء من هذه الظلامات التي تتوجه عليها ففاد، وقد أتم الله فضلها بمنع كرائمها إلا من كفء لا دناءة في عنصره، ولا غضاضة في مخبره، وهو الذي إن فاته شرف النبوة في مغرسه فلم يفته شرف النباهة في معشره، وإذا تباينت الأقدار فلا فرق بين المناكح المخطوبة، وبين الأسلاب المسلوبة، فاحفظ لأسرتك حرمة هذه المنزلة، واجعلها في كتاب الوصايا التي وصيت بها مكان البسملة، وكما أمرناك بالنظر في صون أقدارها، فكذلك نأمرك بالنظر في حفظ مادة درهمها ودينارها، وقد علمت أن لها أوقافا وقفها قوم فحظوا بأجرها واسمها، وستحظى أنت بالعدل في قسمها، فأجر على كل منها رزقه، وأعط كل ذي حق حقه، وفي الناس طائفة أدعياء يرومون إلحاق الرأس بالذنب، والنّبع بالغرب، ويلحقون أبا لغير ابن وابنا لغير أب، كلّ ذلك رغبة في سحت يأكلونه، لا في نسب يوصلونه، فنقب عن حال هؤلاء تنقيبا، واجعل النسيب نسيبا، والغريب غريبا، حتّى تخلص السلالة من طرّاقها، وتبقى الشجرة قائمة على أعراقها، ومن علمت كذبه فازجره بأليم الازدجار، وأعلمه بأنه قد تبوّأ مقعده من النار، وأشهره في الناس حتى ينتهي وينتهي غيره بذلك الاشتهار. وههنا وصية هي أهم من هذه الوصية أمرا وأعظم أجرا، وأجدر بأن تكون هي الأولى وتكون هذه الأخرى، وهي الأخذ على ألسنة السفهاء من الخوض فيما شجر بين آل النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، وإظهار العصبيّة التي تزحزح الحق عن نصابه، وترجعه على أعقابه، وليس مستندها إلا مغالاة ذوي الجهل، وربما نشأ منها فتنة والفتنة أشد من القتل؛ فوكل بهؤلاء غربا قاطعا، ونهيا قامعا، وكن في ذلك شارعا لما كان الله شارعا، فأولئك السادات هم النجوم الذين بأيّهم كان الاقتداء كان به الاهتداء، وقصارى المحسن في هذا الزمان أن يتعلق منها سببا، ويأخذ عنهم دينا أو أدبا، ولا يبلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه ولو أنفق مثل أحد ذهبا، ونحن نعلم أنك واقف على سنن اقتصادك، وأن هذه الوصية هي محض