اعتقادك، والمنصف في هذا المقام من رمقه بنظر جلي، ووفى أبا بكر وعمر رضي الله عنهما حقهما وإن كان من نسل علي؛ فكل قد ذكره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بفضله، وهؤلاء من صحابته وهذا من أهله، ونعوذ بالله من الأهواء الزائغة، والأقوال التي ليست بسائغة، ولا حجة إلا بالحق ولله الحجة البالغة، وقد جعلنا لك في مالنا عطاء دارّا تستعين به على لوازم النفقات، وتخرج نافلته في وقاية عرضك التي هي محسوبة من الصدقات، فإنّ من ساد قوما يفتقر إلى تحمل أثقالهم، والإفاضة من حاله على أحوالهم، وهذا بر يكون منا أصله ومنك فرعه، وثواب يكون لك قصده ولنا شرعه، وصاحب الإحسان من سنّ سبيل الإحسان، ولم نرض أن أريناك مكانه حتى أمددناك فيه بالإمكان، فأعط ما لنا، وتعلم من سنة إفضالنا، ولدولتنا بذلك ثوب جمال كلما لبس زاد جدّة، وعمر ذكر كلّما مضت عليه مدد الأيام طال مدّة، ولا ملك في الدنيا لمن لم يجعل ملكه حديثا حسنا، ويشتري المحامد فيجعله لها ثمنا، ومن عرف قدر الثناء جدّ في تحصيله، ولو أنفق الكثير في قليله، فكم من دولة أعدمت منه فدرست آثار معالمها، ولو كانت منه مثرية لما ذهبت مع بقاء مكارمها، وإذ ذكرنا هذا فلنختمه بما يكون قلادة لصاحب هذا التقليد، وهو أن نجرد العناية بوجاهته حتى يلبس تقدّما بذلك التجريد، وفحوى ذلك أن يعلم الناس ما له في الدولة من منزلة الكرامة، ويعرفوا أنه فيها ابن جلا غير محتاج إلى وضع العمامة، ونحن نأمر نوابنا وولاتنا وأصحابنا أن يوفّوه حقّ أبوّته الشريفة، وفضيلته التي ردفتها فأضحت وهي لها رديفة، وأن يعطوه ما شاء من إعلاء شأنه، ويمضوا فعل يده وقول لسانه، إن شاء الله تعالى.
وقد وجدت للصابي أيضا تقليدا أنشأه لفخر الدولة أبي الحسن بن ركن الدولة أبي علي بن بويه، عن الخليفة الطائع رحمه الله، وهو مثبت ههنا على صورته، وكان عرض على تقليد كتب للملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، من الخليفة المستضىء بالله رحمه الله في سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، فوجدت فيه كلاما نازلا بالمرة، وسألني بعض الإخوان بمدينة دمشق أن أعارضه، فعارضته بتقليد في معناه، وهو مثبت ههنا أيضا، وكلا التقليدين باسم ملك كبير، وفيهما يظهر ما يظهر من فصاحة وبلاغة.