فأما التقليد الذي أنشأه الصابي فهو: هذا ما عهد عبد الله عبد الكريم الطائع لله أمير المؤمنين إلى فخر الدولة أبي الحسن بن ركن الدولة أبي علي مولى أمير المؤمنين حين عرف غناه، وبلاه، واستصحّ دينه ويقينه. ورعى قديمه وحديثه، واستنجب عوده ونجاره، وأثنى عز الدولة أبو منصور بن معز الدولة أبي الحسين مولى أمير المؤمنين عليه، وأشار بالمزيد في الصنيعة إليه، وأعلم أمير المؤمنين اقتداءه به في كل مذهب ذهب فيه من الخدمة، وغرض رمى إليه من النصيحة، دخولا في زمرة الأولياء المنصورة، وخروجا عن جماعة الأعداء المدحورة، وتصرّفا على موجبات البيعة التي هي بعز الدولة أبي منصور منوطة، وعلى سائر ما يتلوه ويتبعه مأخوذة مشروطة، فقلده الصّلاة وأعمال الحرب والمعاون والأحداث والخراج والأعشار والضياع والجهبذة والصدقات والجوالي وسائر وجوه الجبايات والعرض والعطاء والنفقة في الأولياء والمظالم وأسواق الرقيق والعيار في دور الضرب والطرز والحسبة، بكور همذان واستراباذ والدّينور وقرميسين والإيعارين وأعمال أذربيجان وأزان والسحانين وموقان، واثقا منه باستقبال [النعمة] واستدامتها، والاستزادة بالشكر منها، والتّجنّب لغمطها وجحودها، والتنكب لإيحاشها وتنفيرها، والتعمد لما يمكن له الحظوة والزّلفى، ويحرس عليه الأثرة والقربى، بما يظهره ويضمره من الوفاء الصحيح، والولاء الصريح، والغيب الأمين، والصدر السليم، والمقاطعة لكل من قطع العصمة، وفارق الجملة، والمواصلة لكل من حمى البيضة، وأخلص النية، والكون تحت ظل أمير المؤمنين وذمته، ومع عز الدولة أبي منصور وفي حوزته، والله جل اسمه يعرف لأمير المؤمنين حسن العقبى فيما أبرم ونقض، وسداد الرأي فيمن رفع وخفض، ويجعل عزائمه مقرونة بالسلامة، محجوبة عن موارد الندامة، وحسب أمير المؤمنين الله ونعم الوكيل.
أمره بتقوى الله التي هي العصمة المتينة، والجنة الحصينة، والطود الأرفع، والمعاذ الأمنع، والجانب الأعزّ، والملجأ الأحرز، وأن يستشعرها سرا وجهرا، ويستعملها قولا وفعلا، ويتّخذها ذخرا دافعا لنوائب القدر، وكهفا حاميا من حوادث الغير؛ فإنها أوجب الوسائل، وأقرب الذرائع، وأعودها على العبد بمصالحه، وأدعاها إلى كل مناجحه، وأولاها بالاستمرار على هدايته، والنجاة من غوايته،