للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقصان، ولا يتوقفوا عنها مع قيام الدليل، ومن وجب عليه القتل احتاط بما يحتاط به على مثله من الحبس الحصين، والتوثق الشديد، وكتب إلى أمير المؤمنين بخبره، وشرح جنايته وثبوتها بإقرار يكون منه أو بشهادة تقع عليه، ولينتظر من جوابه ما يكون عمله بحسبه؛ فإن أمير المؤمنين لا يطلق سفك دم مسلم أو معاهد، إلا ما أحاط به علما، وأتقنه فهما، وكان ما يمضيه فيه عن بصيرة لا يخالجها شك، ولا يشوبها ريب، ومن ألمّ بصغيرة من الصغائر، ويسيرة من الجرائر، من حيث لم يعرف له مثلها، ولم يتقدم له أختها، وعظه وزجره، ونهاه وحذّره، واستتابه وأقاله، ما لم يكن عليه خصم في ذلك يطالب بقصاص منه، وجزاء له، فإن عاد تناوله من التقويم والتهذيب والتعزير والتأديب بما يرى أن قد كفى فيما اجترم، ووفى بما قدم؛ فقد قال الله تعالى: ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون.

وأمره أن يعطل ما في أعماله من الحانات والمواخير، ويطهرها من القبائح والمناكير، ويمنع من يجمع أهل الخنا فيها، ويؤلف شملها بها، فإنه شمل يصلحه التشتيت، وجمع يحفظه التفريق، وما زالت هذه المواطن الذميمة، والمطارح الدنية، داعية من يأوي إليها، ويعكف عليها، إلى ترك الصلوات، وإهمال المفترضات، وركوب المنكرات، واقتراف المحظورات، وهي بيوت الشيطان التي في عمارتها لله معصية، وفي إخرابها للخير مجلبة، والله تعالى يقول لنا معشر المؤمنين: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله

ويقول عزّ من قائل لغيرنا من المذمومين: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا.

وأمره أن يولي الحماية في هذه الأعمال، أهل الكفاية والعناية من الرجال، وأن يضم إليهم كلّ من خفّ ركابه، وأسرع عند الصريخ، مرتّبا لهم في المسالح وسادا بهم ثغر المسالك، وأن يوصيهم بالتيقظ، ويأخذهم بالتحفظ، ويزيح عللهم في علوفة خيلهم، والمقرر من أزوادهم وميرهم، حتى لا تثقل لهم على البلاد وطأة ولا يدعوهم إلى تحنقهم «١» وثلمهم حاجة، وأن يحوطوا السابلة بادئة وعائدة،

<<  <  ج: ص:  >  >>