للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سخيف، نالوه بما يردعه، وأحلّوا به ما يزعه، ومتى تقاعس متقاعس عن حضور مع خصم يستدعيه بأمر يوجبه الحكم إليه، أو التوى ملتو بحق يحصل عليه ودين يستقر في ذمته؛ قادوه إلى ذلك بأزمّة الصّغار وخزائم الاضطرار، وأن يحبسوا ويطلقوا بأقوالهم، ويثبتوا الأيدي في الأملاك والفروج، وينزعوا بقضاياهم؛ فإنهم أمناء الله في فصل ما يقضون، وبث ما يبثّون، وعن كتابه وسنة نبيه صلّى الله عليه وسلّم يوردون ويصدرون، وقد قال الله عزّ وجل: يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب.

وأن يتوخّى بمثل هذه المعاملة عمال الخراج في استيفاء حقوق ما استعملوا عليه، واستنطاف بقاياهم فيه، والرياضة لمن تسوء طاعته من معامليهم، وإحضارهم طائعين أو كارهين بين أيديهم؛ فمن آداب الله تعالى للعبد الذي يحق عليه أن يتخذها ويجعلها للرضا عنه سببا قوله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب.

وأمره أن يجلس للرعية جلوسا عامّا، وينظر في مظالمها نظرا تامّا؛ يساوي في الحق بين خاصها وعامها، ويوازي في المجالس بين عزيزها وذليلها، وينصف المظلوم من ظالمه، والمغصوب من غاصبه، بعد الفحص والتأمل، والبحث والتبين، حتى لا يحكم إلا بعدل، ولا ينطق إلا بفصل، ولا يثبت يدا إلا فيما وجب تثبيتها فيه، ولا يقبضها إلا عما وجب قبضها عنه، وأن يسهل الإذن لجماعتهم، ويرفع الحجاب بينه وبينهم، ويوليهم من حصانة الكنف، ولين المنعطف، والاشتمال والعناية، والصون والرعاية؛ ما تتعادل به أقسامهم، وتتوازى منه أقساطهم، ولا يصل الركين منهم إلى استضامة ما تأخر عنه، ولا ذو السلطان إلى هضيمة من حل دونه، وأن يدعوهم إلى أحسن العادات والخلائق، ويحضهم على أحمد المذاهب والطرائق، ويحمل عنهم كله، ويمد عليهم ظله، ولا يسومهم عسفا، ولا يلحق بهم حيفا، ولا يكلفهم شططا، ولا يجشمهم مضلعا، ولا يثلم لهم معيشة، ولا يداخلهم في جريمة، ولا يأخذ بريئا بسقيم، ولا حاضرا بعديم؛

<<  <  ج: ص:  >  >>