كما سمعت عن العرب، من غير زيادة فيها ولا نقص، وليس يلزم بعد ذلك أن يعلم أصلها ولا زيادتها؛ لأن ذلك أمر خارج تقتضيه صناعة تأليف الكلام.
فالجواب عن ذلك أنّا نقول: اعلم أنا لم نجعل معرفة التصريف كمعرفة النحو؛ لأن الكاتب أو الشاعر إذا كان عارفا بالمعاني، مختارا لها، قادرا على الألفاظ، مجيدا فيها، ولم يكن عارفا بعلم النحو؛ فإنه يفسد ما يصوغه من الكلام ويختلّ عليه ما يقصده من المعاني، كما أريناك في ذلك المثال المتقدم، وأما التصريف فإنه إذا لم يكن عارفا به لم تفسد عليه معاني كلامه، وإنما تفسد عليه الأوضاع، وإن كانت المعاني صحيحة، وسيأتي بيان ذلك في تحرير الجواب، فنقول: أما قولك إن التصريف لا حاجة إليه، واستدلالك بما ذكرته من المثال المضروب؛ فإن ذلك لا يستمرّ لك الكلام فيه، ألا ترى أنك مثّلت كلامك في لفظة سرداح، وقلت: إنه لا يحتاج إلى معرفة الألف زائدة هي أم أصلية لأنها إنما نقلت عن العرب على ما هي عليه من غير زيادة ولا نقص، وهذا لا يطرد إلا فيما هذا سبيله من نقل الألفاظ على هيئتها من غير تصرف فيها بحال، فأما إذا أريد تصغيرها أو جمعها والنسبة إليها فإنه إذا لم يعرف الأصل في حروف الكلمة وزيادتها وحذفها وإبدالها يضلّ حينئذ عن السبيل، وينشأ من ذلك مجال للعائب والطاعن، ألا ترى أنه إذا قيل للنحوي وكان جاهلا بعلم التصريف كيف تصغير لفظة اضطراب فإنه يقول: ضطيرب، ولا يلام على جهله بذلك، لأن الذي تقتضيه صناعة النحو قد أتى به، وذلك أن النحاة يقولون: إذا كانت الكلمة على خمسة أحرف وفيها حرف زائد أو لم يكن حذفته «١» نحو قولهم في منطلق: مطيلق، وفي جحمرش: جحيمر؛