كأنّ الصّبح يطردها فتجري ... مدامعها بأربعة سجام
أراقب وقتها من غير شوق ... مراقبة المشوق المستهام
وقد شرح أبو الطيب بهذه الأبيات حاله مع الحمى.
ومن بديع ما أتى به في هذا الموضع أن سيف الدولة بن حمدان كان مخيما بأرض ديار بكر على مدينة ميّافارقين، فعصفت الريح بخيمته، فتطيّر الناس لذلك، وقالوا فيه أقوالا، فمدحه أبو الطيب بقصيدة يعتذر فيها عن سقوط الخيمة أولها:
أينفع في الخيمة العذّل «١»
فمنه ما أحسن فيه كل الإحسان، وهو قوله:
تضيق بشخصك أرجاؤها ... ويركض في الواحد الجحفل
وتقصر ما كنت في جوفها ... وتركز فيها القنا الذّبّل
وكيف تقوم على راحة ... كأنّ البحار لها أنمل
فليت وقارك فرّقته ... وحمّلت أرضك ما تحمل
فصار الأنام به سادة ... وسدتهم بالّذي يفضل
رأت لون نورك في لونها ... كلون الغزالة لا يغسل
وأنّ لها شرفا باذخا ... وأنّ الخيام بها تخجل
فلا تنكرنّ لها صرعة ... فمن فرح النّفس ما يقتل
ولو بلّغ النّاس ما بلّغت ... لخانتهم حولك الأرجل
ولمّا أمرت بتطنيبها ... أشيع بأنّك لا ترحل
فما اعتمد الله تقويضها ... ولكن أشار بما تفعل
وعرّف أنّك من همّه ... وأنّك في نصره ترفل