في الاستعمال إلى قرينة تخصّصّها؛ كي لا تكون مبهمة، لأنا إذا قلنا: عين؛ ثم سكتنا، وقع ذلك على محتملات كثيرة من العين الناظرة والعين النابعة والمطر وغيره مما هو موضوع بإزاء هذا الاسم، وإذا قرنّا إليه قرينة تخصه زال ذلك الإبهام؛ بأن نقول: عين حسناء، أو عين نضّاخة «١» ، أو ملثّة «٢» ، أو غير ذلك.
وهذا موضع للعلماء فيه مجاذبات جدلية:
فمنهم من ينكر أن يكون اللفظ المشترك حقيقة في المعنيين جميعا، ويقول:
إن ذلك يخلّ بفائدة وضع اللغة؛ لأن اللغة إنما هي وضع الألفاظ في دلالتها «٣» على المعاني: أي وضع الأسماء على المسميات لتكون منبئة عنها عند إطلاق اللفظ، والاشتراك لا بيان فيه، وإنما هو ضدّ البيان، لكن طريق البيان أن يجعل أحد المعنيين في اللفظ المشترك حقيقة والآخر مجازا؛ فإذا قلنا «هذه كلمة» ، وأطلقنا القول؛ فهم منه اللفظة الواحدة، وإذا قيدنا اللفظ فقلنا «هذه كلمة شاعرة» فهم منه القصيدة المقصدة من الشعر، وهي مجموع كلمات كثيرة، ولو أطلقنا من غير تقييد وأردنا القصيدة من الشعر لما فهم مرادنا ألبتة.
هذا خلاصة ما ذهب إليه من ينكر وقوع اللفظ المشترك في المعنيين حقيقة، وفي ذلك ما فيه، وسأبين ما يدخله من الخلل؛ فأقول في الجواب عن ذلك ما استخرجته بفكري، ولم يكن لأحد فيه قول من قبلي.
وهو أمّا قولك «إن فائدة وضع اللغة إنما هو البيان عند إطلاق اللفظ، واللفظ المشترك يخل بهذه الفائدة» ، فهذا غير مسلّم، بل فائدة وضع اللغة هو البيان والتحسين.
أما البيان فقد وفى [به] الأسماء المتباينة التي هي كل اسم واحد دلّ على