مسمى واحد، فإذا أطلق اللفظ في هذه الأسماء كان بينا مفهوما لا يحتاج إلى قرينة، ولو لم يضع الواضع من الأسماء شيئا غيرها لكان كافيا في البيان.
وأما التحسين فإن الواضع لهذه اللغة العربية التي هي أحسن اللغات نظر إلى ما يحتاج إليه أرباب الفصاحة والبلاغة فيما يصوغونه من نظم ونثر، ورأى أنّ من مهمات ذلك التّجنيس، ولا يقوم به إلا الأسماء المشتركة التي هي كل اسم واحد دلّ على مسميين فصاعدا، فوضعها من أجل ذلك، وهذا الموضع يتجاذبه جانبان يترجح أحدهما على الآخر، وبيانه أن التحسين يقضي بوضع الأسماء المشتركة، ووضعها يذهب بفائدة البيان عند إطلاق اللفظ، وعلى هذا فإن وضعها الواضع ذهب بفائدة البيان، وإن لم يضع ذهب بفائدة التحسين، لكنه إن وضع استدرك ما ذهب من فائدة البيان بالقرينة، وإن لم يضع لم يستدرك ما ذهب من فائدة التحسين، فترجّح حينئذ جانب الوضع؛ فوضع.
فإن قيل: فلم لا تنسب الأسماء المشتركة إلى اختلاف القبائل لا إلى واضع واحد؟.
قلت في الجواب «١» : هذا تعسف لا حاجة إليه، وهو مدفوع من وجهين:
أحدهما: ما قدمت القول فيه من الترجيح الذي سوّغ للواضع أن يضع. الآخر: أنّا نرى أنه قد ورد من الجموع ما يقع على مسمّيين اثنين، كقولهم: كعاب، جمع كعب الذي هو كعب الرجل، وجمع كعبة وهي البنيّة المعروفة، وإذا أطلقنا اللفظ فقلنا «كعاب» من غير قرينة لا يدرى ما المراد بذلك: أكعب الرجل أم البنيّة المعروفة؟ وكذلك ورد واحد وجمع على وزن واحد، كقولهم: راح، اسم للخمر، وراح جمع راحة وهي الكف؛ وكقولهم: عقاب، وهو الجزاء على الذنب، وجمع عقبة أيضا؛ وفي اللغة من هذا شيء كثير، وهو بالإجماع من علماء العربية أنه لم يجر فيه خلاف بين القبائل، فاتضح بهذا أن الأسماء المشتركة من واضع واحد.