الكتاب إذا كثير التحريف برغم أنه طبع مرارا، فما من بدّ لي من مراجعة أصوله على عدة نسخ، وما من بدّ لي من مراجعة جميع ما ورد فيه من النصوص على مصادرها الأولى، ثم ما من بدّ لي من الأناة والرويّة في تفهم عبارات المؤلف والوقوف عند كل جملة منها؛ وذلك أمر شاق يورث الضنى والكلال، ولكنه- مع ذلك- ميسور لمن لا يبالي بما يجد في هذا السبيل؛ ولما لم يكن بد من ذلك كله أقدمت عليه وثابرت فيه مثابرة الحريص على إدراك الغاية والوصول إلى النتيجة؛ وأعتقد أنني أدركت- بمعونة الله وتوفيقه- ما أردت، وبلغت ما أملت.
في دار الكتب المصرية جزء من نسخة خطية كتبها أبو المكارم بن منصور الباوشناي الموصلي، وفرغ من كتابته في يوم السبت الحادي والعشرين من شهر جمادى الأولى سنة (٦٢٢) اثنتين وعشرين وستمائة من الهجرة، وفي أول هذا الجزء إجازة بخط المؤلف كتبها بالموصل في شهر شعبان من عام كتابته أجاز بها الشيخ أبا محمد المظفر عضد الدين بن محمد بن علي بن جعفر بن زهير الدمشقي. وفي الدار نسخة كاملة مكتوبة بقلم معتاد، ولم أعرف عن زمن كتابتها ولا عن قيمتها الأثرية شيئا؛ فراجعت نسختي على هاتين النسختين، وهما المرموز لهما في الحواشي بحرف د.
وعند صديقي الأستاذ الفاضل الشيخ أحمد محمد شاكر القاضي الشرعي نسخة خطية تمت كتابتها في نهار الأربعاء الموافق اليوم الخامس والعشرين من شهر جمادى الثانية في عام (١٠٩٣) ثلاث وتسعين بعد الألف، وكاتبها محيي الدين بن ناصر الدين الصفوري، وهذه النسخة منقولة عن نسخة كتبها أحمد بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن مهران القويسني وفرغ من كتابتها في مستهل جمادى الأولى من سنة سبع وعشرين وستمائة، ويقول محيي الدين بن ناصر الدين الصفوري في شأن النسخة التي نقل عنها نسخته:«وهي نسخة صحيحة، رحم الله مؤلفها وكاتبها رحمة واسعة، وهي على هذا التاريخ مكتوبة قبل موت المؤلف بعشر سنين أو ما يقرب منها» اه، ثم كتب على حاشية آخر ورقة: «بلغ مقابلة على