للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله تعالى، أعني بعد الموت، ويشتمل هذا الأصل على تفصيل أحوال الدار الآخرة من الجنة والنار والصراط والميزان والحساب، وأشباه ذلك؛ فهذه الأصول الثلاثة.

وأما الفروع فالأول منها: تعريف أحوال المجيبين للدعوة، ولطائف صنع الله بهم من النّصرة والإدالة، وتعريف أحوال المخالفين للدعوة والمحادّين لها، وكيفية صنع الله في التّدمير عليهم والتنكير بهم، والفرع الثاني: ذكر مجادلة الخصوم ومحاجّتهم، وحملهم بالمجادلة والمحاجّة على طريق الحق، وهؤلاء هم اليهود والنصارى ومن يجري مجراهم من أرباب الشرائع، والفلاسفة والملحدة من غير أرباب الشرائع؛ والفرع الثالث: تعريف عمارة منازل الطريق، وكيفية أخذ الزاد والأهبة للاستعداد، وذاك قياس الشريعة، وتبيين الحكمة في أوامرها التي تتعلق بأفعال أهل التكليف.

فهذه الأقسام الستة المشار إليها هي التي تدور معاني القرآن عليها ولا تتعداها وههنا تقسيم آخر يطول الخطب فيه، ولا حاجة إلى ذكره.

وإذا نظرنا إلى سورة الفاتحة وتأمّلنا ما فيها من المعاني وجدناها مشتملة على أربعة أقسام من الستة المذكورة، ولذلك سماها النبي صلّى الله عليه وسلّم «أم الكتاب» كما أنه قال:

«إن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن» وإذا نظرنا في الأقسام الستة وجدنا سورة الإخلاص بمنزلة ثلث القرآن، وكذلك قال صلّى الله عليه وسلّم: «آية الكرسي سيدة آي القرآن» ويروى أنه سأل أبيّ بن كعب رضي الله عنه فقال: «أي آية معك في كتاب الله أعظم؟» فقال: الله لا إله إلا هو الحي القيوم؛ فضرب في صدره، وقال: ليهنك العلم أبا المنذر» وكل هذا يرجع إلى المعاني لا إلى الألفاظ، فاعرف ذلك وبينه لرموزه وأسراره.

واعلم أن جماعة من مدّعي علم البيان ذهبوا إلى أن الكلام ينقسم قسمين:

فمنه ما يحسن فيه الإيجاز كالأشعار والمكاتبات، ومنه ما يحسن فيه التطويل كالخطب والتقليدات وكتب الفتوح التي تقرأ في ملإ من عوامّ الناس؛ فإن الكلام إذا طال في مثل ذلك أثر عندهم وأفهمهم، ولو اقتصر فيه على الإيجاز والإشارة لم

<<  <  ج: ص:  >  >>