للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين. قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين

قد حذف أيضا من هذا الكلام جملة مفيدة، تقديرها: ثم إنهم تجهّزوا وساروا الى مصر، فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه.

وقد ورد هذا الضرب في القرآن الكريم كثيرا، كقوله تعالى في سورة القصص: وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون فرددناه إلى أمه كي تقر عينها

في هذا محذوف، وهو جواب الاستفهام؛ لأنها لما قالت: هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم

احتاج الى جواب لينتظم بما بعده من ردّه ألى أمه، والجواب: فقالوا نعم، فدلّتهم على امرأة، فجيء بها وهي أمه ولم يعلموا بمكانها، فأرضعته، وهذه الجملة الثاينة- أعني قوله تعالى: فرددناه إلى أمه

- تدلّ على المحذوف؛ لأنّ ردّه إلى أمه لم يكن إلا بعد ردّ الجواب على أخته، ودلالتها إياهم على امرأة ترضعه، ويكفي هذا الموضع وحده لمن يتبصر في مواقع المحذوفات وكيفيتها.

ومما يجري على هذا المنهج قوله تعالى في قصة سليمان عليه السلام وقصة الهدهد في إرساله بالكتاب إلى بلقيس قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين.

اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون. قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم

وفي هذا محذوف، تقديره: فأخذ الكتاب وذهب به، فلما ألقاه إلى المرأة وقرأته قالت يا أيها الملأ.

ومن حذف الجمل المفيدة ما يعسر تقدير المحذوف منه، بخلاف ما تقدم، ألا ترى أنّ الآيات المذكورة كلها إذا تأملها المتأمل وجد معانيها متصلة من غير تقدير للمحذوفات التي حذفت منها، ثم إذا قدر تلك المحذوفات سهل تقديرها ببديهة النظر، والذي أذكره الآن ليس كذلك، بل إذا تأمله المتأمل وجده غير متصل المعنى، وإذا أراد أن يقدر المحذوف عسر عليه.

فمما جاء منه قوله تعالى: وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من

<<  <  ج: ص:  >  >>