ذكر التصاوير التي في الإيوان، وذلك أن الّفرس كانت تحارب الروم فصوّروا صورة مدينة أنطاكية في الإيوان وحرب الروم والفرس عليها؛ فمما ذكره في ذلك قوله:
وإذا ما رأيت صورة أنطا ... كيّة ارتعت بين روم وفرس
والمنايا مواثل وأنوشر ... وان يزجي الصّفوف تحت الدّرفس «١»
في اخضرار من الّلباس على أص ... فر يختال في صبيغة ورس
فقوله «على أصفر» أي: على فرس أصفر، وهذا مفهوم من قرينة الحال؛ لأنه لما قال «على أصفر» علم بذلك أنه أراد فرسا أصفر.
والصفة تأتي في الكلام على ضربين: إما للتأكيد والتخصيص، وإما للمدح والذم، وكلاهما من مقامات الإسهاب والتطويل، لا من مقامات الإيجاز والاختصار، وإذا كان الأمر كذلك لم يلق الحذف به، هذا، مع ما ينضاف إليه من الالتباس وضد البيان، ألا ترى أنك إذا قلت: مررت بطويل، لم يبن من هذا اللفظ الممرور به إنسان هو أم رمح أم ثوب أم غير ذلك، وإذا كان الأمر على هذا فحذف الموصوف إنما هو شيء قام الدليل عليه أو شهدت به الحال، وإذا استبهم كان حذفه غير لائق.
ومما يؤكد عندك ضعف حذفه أنك تجد من الصفات ما لا يمكن حذف موصوفه، وذاك أن تكون الصفة جملة، نحو: مررت برجل قام أبوه، ولقيت غلاما وجهه حسن، ألا تراك لو قلت: مررت بقام أبوه، ولقيت وجهه حسن؛ لم يجز.
وقد ورد حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه في غير موضع من القرآن الكريم، كقوله تعالى: وآتينا ثمود الناقة مبصرة