للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترجيح جانبها على جانب جعلها عاطفة؛ لأن الأصل فيها أن تكون عاطفة، فإذا عدل بها عن أصلها احتاج إلى ترجيح، ولا ترجيح ههنا؛ الوجه الثاني: بلاغي، وذاك أن القرآن الكريم منتهى البلاغة والفصاحة لمكان إعجازه، فلو كان معنى الواو في هذه الآية بمعنى أو لقيل فثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم، ولم يحتج إلى هذا التطويل، في قوله فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة

الوجه الثالث: أن هذا الصوم حكم من أحكام العبادات، والعبادات يجب فيها الاحتياط أن تؤدّى على أكمل صورة؛ لئلا يدخلها النقص، وإذا كان الأمر على ذلك فكيف يظن أن الواو في هذه الآية بمعنى أو؟ الوجه الرابع: أن السبعة ليست مماثلة للثلاثة، حتى تجعل في قبالتها؛ لأن معنى الآية إذا كانت الواو فيها بمعنى أو إما أن تصوموا ثلاثة أيام في الحج أو سبعة إذا رجعتم.

فإن قلت: هذا تعبد لا يعقل معناه كغيره من التعبدات التي لا يعقل معناها.

قلت في الجواب: إن لنا من التعبدات ما لا يعقل معناه؛ كعدد ركعات الصلوات، وعدد الطواف والسعي، وأشباه ذلك، ولنا ما يعقل معناه، كهذه الآية، فإنا نعقل التّفاوت بين الصوم في الحضر والسفر، ونعقل التفاوت بين العدد الكثير والعدد القليل، وعلى هذا فلا يخلو: إما أن يكون صوم الأيام السبعة عند الرجوع في الطريق، أو عند الوصول إلى البلد؛ فإذا كان في الطريق فإنه أشق من الصوم بمكة؛ لأن الصوم في السفر أشقّ من الصوم في الحضر؛ فكيف يجعل صوم سبعة أيام في السفر في مقابلة صوم ثلاثة أيام بمكة؟ وإن كان الصوم عند الوصول إلى البلد فلا فرق بين الصوم بمكة والصوم عند الوصول إلى البلد؛ لأن كليهما صوم في المقام ببلد من البلاد لا تفاوت بينهما حتى يجعل صوم ثلاثة أيام في مقابلة سبعة أيام على غير مثال ولا تساو؛ فعلى كلا التقديرين لا يجوز أن تكون الواو في وسبعة إذا رجعتم

بمعنى أو؛ فتحقق إذا أنها للعطف خاصة، وإذا كانت للعطف خاصة فتأكيدها بعشرة كاملة دليل على أن المراد وجود صوم الأيام السبعة في الطريق قبل الوصول إلى البلد.

فإن قلت: إن الصوم بمكة أشق من الصوم في الظريق؛ لأن الواجب عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>