سربهم «١» ، وإعذاب شربهم، وإعزاز جانبهم، وإذلال مجانبهم، وإظهار دينهم على الدين كله ولو كره المشركون.
وهذه تحميدة مناسبة لموضوع الكتاب، وإن كانت المعاني فيها مكررة كالذي أنكرته عليه وعلى غيره من الكتّاب، وقدمت القول فيه في باب السجع؛ فليؤخذ من هناك.
ومن المبادي التي قد أخلقت وصارت مزدراة أن يقال في أوائل التقليدات:
إن أحق الخدم بأن ترعى خدمة كذا وكذا، وإن أحق من قلّد الأعمال من اجتمع فيه كذا وكذا؛ فإن هذا ليس من المبادي المستحسنة، ومن استعمله أوّلا فقد ضعفت فكرته عن اقتراح ما يحسن استعماله من المبادىء، والذي تبعه في ذلك إما مقلّد ليس عنده قوة على أن يختار لنفسه، وإما جاهل لا يفرق بين الحسن والقبيح والجيد والرديء، وأهل زماننا هذا من الكتاب قد قصروا مبادي تقاليدهم على هذه الفاتحة دون غيرها، وإن أتوا بتحميدة من التحاميد كانت مباينة لمعنى التقليد الذي وضعت في صدره، وكذلك قد كان الكتاب يستعملون في التقليدات مبدأ واحدا لا يتجاوزونه إلى غيره، وهو «هذا ما عهد فلان إلى فلان» والتحميد خير ما افتتح به التقليدات وكتب الفتوح وما جرى مجراهما، وقد أنكرت ذلك على مستعمله في مفتتح تقليد أنشأته بولاية وال فقلت: كانت التقليدات تفتتح بكلام ليس بذي شأن، ولا يوضع في ميزان، ولا يجتنى من أفنان، وغاية ما يقال هذا ما عهد فلان إلى فلان، وتلك فاتحة لم تكن جديدة فتخلق بتطاول الأيام، ولا حسنة النظم فيضاهى بمثلها من ذوات النّظام، وهذا التقليد مفتتح بحمد الله الذي تكفّل لحامده بالزيادة، وبدأ النعمة ثم قرنها من فضله بالإعادة، وهو الذي بلغ بنا [من] مآرب الدينا منتهى الإرادة، وسلّم إلينا مقاده فذلل لنا بها كل مقادة، ووسّد الأمر منا إلى أهله فاستوطأت الرعايا منه على وسادة، ونرجو أن يجمع لنا بين سعادة الأولى والأخرى حتى تتصل هذه السعادة بتلك السعادة، ثم نصلّي على نبيه محمد الذي ميّزه الله