في محاوراتهم؛ فإنه لا يعدم مما يسمعه منهم حكما كثيرة، ولو أراد استخراج ذلك بفكره لأعجزه.
ويحكى عن أبي تمام أنه لما نظم قصيدته البائية التي أولها:
على مثلها من أربع وملاعب «١»
انتهى منها إلى قوله:
يرى أقبح الأشياء أوبة آمل ... كسته يد المأمول حلّة خائب
ثم قال:
وأحسن من نور يفتّحه الصّبا
ووقف عند صدر هذا البيت يردّده، وإذا سائل يسأل على الباب، وهو يقول:
من بياض عطاياكم في سواد مطالبنا، فقال أبو تمام:
بياض العطايا في سواد المطالب
فأتمّ صدر البيت الذي كان يردده من كلام السائل.
وسمعت امرأة قد توفي لها ولد، وهو بكرها الذي هو أول أولادها، فقالت:
كيف لا أحزن لذهابه وهو أوّل درهم وقع في الكيس، فأخذت أنا هذا المعنى وأودعته كتابا من كتبي في التعازي، وهو كتاب كتبته إلى بعض الإخوان وقد توفي بكره من الأولاد؛ فقلت: وهو أول درهم ادّخرته في كيس الادّخار، وأعددته لحوادث الليل والنهار.