ملكت بها كفّي فأنهرت فتقها ... يرى قائم من دونها ما وراءها «١»
لكن أبو الطيب أكثر غلوا في هذا المعنى، وقيس بن الخطيم «٢» أحسن؛ لأنه قريب من الممكن؛ فإن الطعنة تنفذ حتى يتبين فيها الضوء، وأما أن يجعل المطعون مسلكا يسلك كما قال أبو الطيب؛ فإن ذلك مستحيل، ولا يقال فيه بعيد.
وأما الاقتصاد فهو وسط بين المنزلتين، والأمثلة به كثيرة لا تحصى؛ إذ كل ما خرج عن الطرفين من الإفراط والتفريط فهو اقتصاد، ومن أحسنه أن يجعل الإفراط مثلا، ثم يستثنى فيه بلو أو بكاد وما جرى مجراهما؛ فمن ذلك قوله تعالى: يكاد البرق يخطف أبصارهم
وكذلك قوله عزّ وجل: وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا
؛ وقد ورد هذا في القرآن الكريم كثيرا، ومما ورد منه شعرا قول الفرزدق «٣» :
يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم