خرقاء يلعب بالعقول حبابها ... كتلعّب الأفعال بالأسماء
فليس بمنكر، وهل يشك في أن التشبيه الذي تضمنه واقع في موقعه؟ ألا ترى أن الفعل ينقل الاسم من حال إلى حال، وكذلك تفعل الخمر بالعقول في تنقلّ حالاتها، فما الذي أنكره ابن سنان من ذلك؟
وقد جاء لبعض المتأخرين من هذا الأسلوب ما لا يدافع في حسنه، وهو قوله:
عوامل رزق أعربت لغة الرّدى ... فجسم له خفض ورأس له نصب
فإنه لما حصل له المشابهة في الاسمية بين عوامل الرماح والعوامل النحوية حسن موقع ما ذكره من الخفض والنصب، وعلى ما ذكره ابن سنان فإن ذلك غير جائز، وهو من مستحسنات المعاني، هذا من أعجب الأشياء!!.
وعلى هذا الأسلوب ورد قول بعضهم:
وفتى من ازن ... فاق أهل البصره
أمّه معرفة ... وأبوه نكره
وهل يشك في حسن هذا المعنى ولطافته؟.
وكذلك ورد من هذا النوع في شعر بعض العراقيين يهجو طبيبا فقال:
قال حمار الطّبيب توما ... لو أنصفوني لكنت أركب «١»
لأنّني جاهل بسيط ... وراكبي جهله مركّب
وهذا من المعنى الذي أغرب في الملاحة، وجمع بين خفة السخرية ووقار