الفصاحة. وقد تقدم القول في صدر كتابي هذا أنه يجب على صاحب هذه الصناعة أن يتعلّق بكل علم وكل صناعة، ويخوض في كل فن من الفنون؛ لأنه مكلّف بأن يخوض في كل معنى من المعاني؛ فاضمم يدك على ما ذكرته ونصصت عليه، واترك ما سواه؛ فليس القائل بعلمه واجتهاده كالقائل بظنه وتقليده.
وهذا النوع إذا استعمل على الوجه المرضي كان حسنا، وإذا استعمل بخلاف ذلك كان قبيحا، كما جاء في كلام أبي العلاء بن سليمان المعرّيّ، وهو قوله في رسالة كتبها إلى بعض إخوانه: حرس الله سعادته ما أدغمت التاء في الظاء، وتلك سعادة بغير انتهاء؛ وهذا من الغث البارد، لكن قد جاءه في الشعر ما هو حسن فائق، كقوله «١» :
فدونكم خفض الحياة فإنّنا ... نصبنا المطايا في الفلاة على القطع
والخفض والنصب من الإعراب النحوي، والخفض: رفاهة العيش، والقطع: من منصوبات النحو، والقطع: قطع الشيء، يقال: قطعته؛ إذا بترته.