فالثقل ليس مضاعفا لمطيّة ... إلّا إذا ما كان وهما بازلا
لا غرو إن فننان من عيدانه ... لقيا حماما للبريّة آكلا «١»
إنّ الأشاء إذا أصاب مشذّب ... منه اتمهلّ ذرا وأثّ أسافلا
شمخت خلالك أن يواسيك امرؤ ... أو أن تذكّر ناسيا أو غافلا
إلّا مواعظ قادها لك سمحة ... إسجاح لبّك سامعا أو قائلا
هل تكلف الأيدي بهزّ مهنّد ... إلّا إذا كان الحسام القاصلا
وقال أبو الطيب في مرثية بطفل صغير:
فإن تك في قبر فإنّك في الحشا ... وإن تك طفلا فالأسى ليس بالطّفل
ومثلك لا يبكى على قدر سنّه ... ولكن على قدر الفراسة والأصل
ألست من القوم الّذي من رماحهم ... نداهم ومن قتلاهم مهجة البخل
بمولودهم صمت اللّسان كغيره ... ولكنّ في أعطافه منطق الفصل
تسلّيهم علياؤهم عن مصابهم ... ويشغلهم كسب الثّناء عن الشّغل
عزاءك سيف الدّولة المقتدى به ... فإنّك نصل والشّدائد للنّصل
تخون المنايا عهده في سليله ... وتنصره بين الفوارس والرّجل
بنفسي وليد عاد من بعد حمله ... إلى بطن أمّ لا تطرّق بالحمل
بدا وله وعد السّحابة بالرّوى ... وصدّ وفينا غلّة البلد المحل
وقد مدّت الخيل العتاق عيونها ... إلى وقت تبديل الرّكاب من النّعل
وريع له جيش العدوّ وما مشى ... وجاشت له الحرب الضّروس وما تغلي
فتأمل أيها الناظم إلى ما صنع هذان الشاعران في هذا المقصد الواحد، وكيف هام كل واحد منهما في واد منه، مع اتفاقهما في بعض معانيه؟.