للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسأبين لك ما اتفقا فيه، وما اختلفا، وأذكر الفاضل من المفضول، فأقول:

أما الذي اتفقا فيه فإن أبا تمام قال:

لهفي على تلك الشّواهد فيهما ... لو أخّرت حتّى تكون شمائلا

وأما أبو الطيب فإنه قال:

بمولودهم صمت اللّسان كغيره ... ولكنّ في أعطافه منطق الفضل

فأتى بالمعنى الذي أتى به أبو تمام، وزاد عليه بالصناعة اللفظية، وهي المطابقة في قوله «صمت اللسان» و «منطق الفصل» .

وقال أبو تمام:

نجمان شاء الله ألّا يطلعا ... إلّا ارتداد الطّرف حتّى يأفلا

وقال أبو الطيب:

بدا وله وعد السّحابة بالرّوى ... وصدّ وفينا غلّة البلد المحل

فوافقه في المعنى، وزاد عليه بقوله:

وصدّ فينا غلّة البلد المحل

لأنه بين قدر حاجتهم إلى وجوده وانتفاعهم بحياته.

وأما ما اختلفا فيه فإن أبا الطيب أشعر فيه من أبي تمام أيضا، وذاك أن معناه أمتن من معناه، ومبناه أحكم من مبناه، وربما أكبر هذا القول جماعة من المقلدين الذين يقفون مع شبهة الزمان وقدمه، لا مع فضيلة القول وتقدمه، وأبو تمام وإن كان أشعر عندي من أبي الطيب فإن أبا الطيب أشهر منه في هذا الموضع؛ وبيان ذلك أنه قد تقدّم القول على ما اتفقا فيه من المعنى، وأما الذي اختلفا فيه فإن أبا الطيب قال:

عزاءك سيف الدّولة المقتدى به ... فإنّك نصل والشّدائد للنّصل

<<  <  ج: ص:  >  >>