للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو وإن لم يشوه المعنى فقد شوّه الصورة؛ ومثاله في ذلك كمن أودع الوشي شملا، وأعطى الورد جعلا، وهذا من أرذل السرقات، وعلى نحو منه جاء قول عبد السلام بن رغبان:

نحن نعزّيك ومنك الهدى ... مستخرج والصّبر مستقبل

قول بالعقل وأنت الّذي ... نأوي إليه وبه نعقل

إذا عفا عنك وأودى بنا ... الدّهر فذاك المحسن المجمل

أخذه أبو الطيب فقلب أعلاه أسفله، فقال:

إن يكن صبر ذي الرّزيّة فضلا ... فكن الأفضل الأعزّ الأجلّا

أنت يا فوق أن تعزّى عن الأح ... باب فوق الّذي يعزّيك عقلا

وبألفاظك اهتدى فإذا عزّ ... اك قال الّذي له قلت قبلا

والبيت الأخير من هذه الأبيات هو الآخر قدرا، وهو المخصوص بالمسخ.

وأما قلب الصورة القبيحة إلى صورة حسنة فهذا لا يسمى سرقة، بل يسمى إصلاحا وتهذيبا.

فمن ذلك قول أبي الطيب المتنبي:

لو كان ما تعطيهم من قبل أن ... تعطيهم لم يعرفوا التّأميلا

وقول ابن نباتة السعدي:

لم يبق جودك لي شيئا أؤمّله ... تركتني أصحب الدّنيا بلا أمل

وعلى هذا النحو ورد قول أبي نواس في أرجوزة يصف فيها اللعب بالكرة والصولجان فقال من جملتها:

جنّ على جنّ وإن كانوا بشر ... كأنّما خيطوا عليها بالإبر

ثم جاء المتنبي فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>