للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن آبائكم فإنه كفر بكم» وأنس رضى الله عنه كان يقول: قرأنا فى القرآن «بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضى عنا وأرضانا» وقال عمر رضى الله عنه- قرأنا آية الرجم فى كتاب الله ووعيناها (١).

وقال أبىّ بن كعب رضى الله عنه: إن سورة الأحزاب كانت مثل سورة البقرة أو أطول منها. والشافعى رضى الله عنه لا يظن به موافقة هؤلاء فى هذا القول، ولكنه استدل بما هو قريب من هذا فى عدد الرضعات.

ثم قال رحمه الله: «والدليل على بطلان هذا القول قوله تعالى:

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٢) ومعلوم أنه ليس المراد الحفظ لديه، فإن الله تعالى يتعالى من أن يوصف بالنسيان والغفلة، فعرفنا أن المراد الحفظ لدينا. فالغفلة والنسيان متوهم مناوبه ينعدم الحفظ إلا أن يحفظه الله عز وجل، ولأنه لا يخلو شىء من أوقات بقاء الخلق فى الدنيا عن أن يكون فيما بينهم ما هو ثابت بطريق الوحى فيما ابتلوا به من أداء الأمانة التى حملوها، إذ العقل لا يوجب ذلك، وليس به كفاية بوجه من الوجوه، وقد ثبت أنه لا ناسخ لهذه الشريعة بوحى ينزل بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو جوزنا هذا فى بعض ما أوحى إليه لوجب القول بتجويز ذلك فى جميعه فيؤدى إلى القول بأن لا يبقى شىء مما ثبت بالوحى بين الناس فى حال بقاء التكليف، وأى قول أقبح من هذا؟ ومن فتح هذا الباب لم يأمن أن يكون بعض ما فى أيدينا اليوم أو كله مخالف لشريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن نسخ الله ذلك بعده وألف بين قلوب الناس على أن


(١) سيأتى- إن شاء الله- قريبا أن ما روى عن أنس وعمر رضى الله عنهما مما نسخ تلاوته دون حكمه.
(٢) سورة الحجر الآية: ٩.

<<  <   >  >>