للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرآن، إنها بالفارسية أو الحبشية أو النبطية أو نحو ذلك، إنما اتفق فيها توارد اللغات فتكلمت بها العرب والفرس والحبشة بلفظ واحد. اه.

وقولهم: إن فى القرآن ما لا تعرفه العرب، وهو الأبّ غلط، فإن الأبّ الحشيش. فليس إذا لم يعرفه بعضهم خرج أن يكون ذلك لغة العرب، لأن لغة العرب أوسع اللغات فيجوز أن يخفى بعضها على بعض لكثرتها (١). وقد روى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال (٢):

ما كنت أدرى معنى: فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (٣) حتى سمعت امرأة من العرب تقول: أنا فطرته أى ابتدأته.

ثانيا: أن النبى صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الناس كافة قال تعالى:

قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً (٤) وقال صلى الله عليه وسلم: «بعثت إلى الناس كافة» (٥) فيجب أن يكون كتابه جامعا للغة الكل ليتحقق خطابه للكل إعجازا وبيانا، أضف إلى ذلك: أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يدّع أنه كلامه، بل كلام الله تعالى رب العالمين، المحيط بجميع اللغات، فلا يكون تكلمه باللغات المختلفة منكرا. غايته أنه لا يكون مفهوما للعرب، وليس ذلك بدعا بدليل تضمنه للآيات المتشابهات والحروف المعجمة فى أوائل السور.

وقد أجيب عن هذا: بأنه يقتضى أن يكون فيه من جميع اللغات


(١) التبصرة ١٨٢.
(٢) الإحكام ١/ ٤٨.
(٣) سورة فاطر الآية: ١.
(٤) سورة الأعراف الآية: ١٥٨.
(٥) الجامع الصغير للسيوطى ١/ ١٢٦.

<<  <   >  >>