فَكبر أَربع تَكْبِيرَات لم يطلّ، وَلم يسْرع، ثمَّ ذهب يقْعد، قَالُوا: يَا أَبَا حَمْزَة، الْمَرْأَة الْأَنْصَارِيَّة. فقربوها وَمَعَهَا نعش أَخْضَر، فَقَامَ عِنْد عجيزتها فصلى عَلَيْهَا نَحْو صلَاته على الرجل، ثمَّ جلس، فَقَالَ الْعَلَاء بن [زِيَاد] : يَا أَبَا حَمْزَة، وَهَكَذَا كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي على الْجَنَائِز كصلاتك، يكبر عَلَيْهَا أَرْبعا، وَيقوم عِنْد رَأس الرجل وعجيزة الْمَرْأَة؟ قَالَ: نعم. قَالَ: يَا أَبَا حَمْزَة، غزوت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: نعم، غزوت مَعَه حنينا، فَخرج الْمُشْركُونَ فحملوا علينا حَتَّى رَأينَا خَيْلنَا وَرَاء ظُهُورنَا، وَفِي الْقَوْم رجل يحمل علينا فيدقنا، ويحطمنا، فَهَزَمَهُمْ الله - عز وَجل - وَجعل يجاء بهم فيبايعونه على الْإِسْلَام، فَقَالَ رجل من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن عَليّ نذرا إِن جَاءَ الله - عز وَجل - بِالرجلِ الَّذِي كَانَ مُنْذُ الْيَوْم يحطمنا لَأَضرِبَن عُنُقه. وَسكت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فجيء بِالرجلِ، فَلَمَّا رأى رَسُول الله قَالَ: يَا رَسُول الله، تبت إِلَى الله. فَأمْسك رَسُول الله عَنهُ لَا يبايعه ليفي الرجل بنذره، قَالَ: فَجعل الرجل يتَصَدَّى لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليأمره بقتْله، وَجعل يهاب رَسُول الله أَن يقْتله، فَلَمَّا رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه لَا يصنع شَيْئا بَايعه، فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله، نذري. فَقَالَ: إِنِّي لم أمسك عَنهُ مُنْذُ الْيَوْم إِلَّا لِتوفي بِنَذْرِك. قَالَ: يَا رَسُول الله، أَلا أموضت إِلَيّ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّه لَيْسَ لنَبِيّ أَن يُومِض ". قَالَ أَبُو غَالب: فَسَأَلت عَن صَنِيع أنس (عَن) قِيَامه على الْمَرْأَة عِنْد عجيزتها، فحدثوني أَنه إِنَّمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ لم تكن النعوش فَكَانَ يقوم الإِمَام حِيَال عجيزتها يَسْتُرهَا من الْقَوْم.
قَالَ أَبُو دَاوُد: [قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] : " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله " نسخ من هَذَا الحَدِيث الْوَفَاء بِالنذرِ فِي [قَتله] ، [بقوله] : " إِنِّي قد تبت ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute