للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكبر أَربع تَكْبِيرَات لم يطلّ، وَلم يسْرع، ثمَّ ذهب يقْعد، قَالُوا: يَا أَبَا حَمْزَة، الْمَرْأَة الْأَنْصَارِيَّة. فقربوها وَمَعَهَا نعش أَخْضَر، فَقَامَ عِنْد عجيزتها فصلى عَلَيْهَا نَحْو صلَاته على الرجل، ثمَّ جلس، فَقَالَ الْعَلَاء بن [زِيَاد] : يَا أَبَا حَمْزَة، وَهَكَذَا كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي على الْجَنَائِز كصلاتك، يكبر عَلَيْهَا أَرْبعا، وَيقوم عِنْد رَأس الرجل وعجيزة الْمَرْأَة؟ قَالَ: نعم. قَالَ: يَا أَبَا حَمْزَة، غزوت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: نعم، غزوت مَعَه حنينا، فَخرج الْمُشْركُونَ فحملوا علينا حَتَّى رَأينَا خَيْلنَا وَرَاء ظُهُورنَا، وَفِي الْقَوْم رجل يحمل علينا فيدقنا، ويحطمنا، فَهَزَمَهُمْ الله - عز وَجل - وَجعل يجاء بهم فيبايعونه على الْإِسْلَام، فَقَالَ رجل من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن عَليّ نذرا إِن جَاءَ الله - عز وَجل - بِالرجلِ الَّذِي كَانَ مُنْذُ الْيَوْم يحطمنا لَأَضرِبَن عُنُقه. وَسكت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فجيء بِالرجلِ، فَلَمَّا رأى رَسُول الله قَالَ: يَا رَسُول الله، تبت إِلَى الله. فَأمْسك رَسُول الله عَنهُ لَا يبايعه ليفي الرجل بنذره، قَالَ: فَجعل الرجل يتَصَدَّى لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليأمره بقتْله، وَجعل يهاب رَسُول الله أَن يقْتله، فَلَمَّا رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه لَا يصنع شَيْئا بَايعه، فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله، نذري. فَقَالَ: إِنِّي لم أمسك عَنهُ مُنْذُ الْيَوْم إِلَّا لِتوفي بِنَذْرِك. قَالَ: يَا رَسُول الله، أَلا أموضت إِلَيّ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّه لَيْسَ لنَبِيّ أَن يُومِض ". قَالَ أَبُو غَالب: فَسَأَلت عَن صَنِيع أنس (عَن) قِيَامه على الْمَرْأَة عِنْد عجيزتها، فحدثوني أَنه إِنَّمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ لم تكن النعوش فَكَانَ يقوم الإِمَام حِيَال عجيزتها يَسْتُرهَا من الْقَوْم.

قَالَ أَبُو دَاوُد: [قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] : " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله " نسخ من هَذَا الحَدِيث الْوَفَاء بِالنذرِ فِي [قَتله] ، [بقوله] : " إِنِّي قد تبت ".

<<  <  ج: ص:  >  >>