للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيث الْبَراء قَالَ: " وَإِن كَانَ فَاجِرًا إِذا كَانَ فِي انْقِطَاع من الدُّنْيَا وإقبال من الْآخِرَة جَاءَهُ ملك الْمَوْت فيجلس عِنْد رَأسه، فَيَقُول: اخْرُجِي أيتها النَّفس الخبيثة إِلَى غضب وَسخط من الله. قَالَ: فَتفرق روحه فِي جسده، قَالَ: يستخرجها يقطع مِنْهَا الْعُرُوق والعصب كَمَا يسْتَخْرج الصُّوف المبلول بالسفود، قَالَ: وَينزل مَلَائِكَة من السَّمَاء سود الْوُجُوه مَعَهم المسوح، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مد الْبَصَر، فَإِذا وَقعت فِي يَد ملك الْمَوْت قَامَ إِلَيْهَا مَلَائِكَة فَلم يتركوها فِي يَده طرفَة عين، قَالَ: وَتخرج مِنْهُ مثل أنتن ريح جيفة وجدت على وَجه الأَرْض، فيصعدون بِهِ، فَلَا يَمرونَ على جند من الْمَلَائِكَة فِيمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرّوح الْخَبيث؟ فَيَقُولُونَ: هَذَا فلَان بِأَسْوَأ أَسْمَائِهِ. قَالَ: فَإِذا انتهي بِهِ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا، أغلقت دونه فَلم تفتح لَهُ، وينادي مُنَاد: أَن اكتبوا كِتَابه فِي سِجِّين، فأرجعوه إِلَى الأَرْض، فَإِنِّي وعدتهم أَن مِنْهَا خلقتهمْ، وفيهَا أعيدهم، وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى، قَالَ: فَيرمى بِهِ من السَّمَاء فَذَلِك قَول الله - تبَارك وَتَعَالَى -: {وَمن يُشْرك بِاللَّه فَكَأَنَّمَا خر من السَّمَاء فتخطفه الطير أَو تهوي بِهِ الرّيح فِي مَكَان سحيق} قَالَ: فتعاد روحه فِي جسده، ويأتيه ملكان شَدِيدا الِانْتِهَار فيجلسانه وينتهرانه، قَالَ: فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك؟ فَيَقُول: لَا أَدْرِي. فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا النَّبِي الَّذِي بعث فِيكُم؟ قَالَ: فَيَقُول: لَا أَدْرِي. (يَقُولُونَ: ذَاك لَا أَدْرِي) . قَالَ: فَيَقُولَانِ لَهُ: لَا دَريت. قَالَ: وَذَلِكَ قَول الله - تبَارك وَتَعَالَى -: {ويضل الله الظَّالِمين وَيفْعل الله مَا يَشَاء} . قَالَ: وينادي مُنَاد من السَّمَاء: أَن قد كذب، فألبسوه من النَّار، وأفرشوه من النَّار، وأروه من منزله من النَّار. قَالَ: فيكسى من النَّار، ويفرش لَهُ من النَّار، وَيرى مِنْهَا منزله، قَالَ: ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه. قَالَ: ويمثل لَهُ رجل قَبِيح المنظر، قَبِيح الثِّيَاب، منتن الرّيح فَيَقُول: أبشر بِالَّذِي يسوءك، أبشر بغضب من الله وَسخط، هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد، هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>