للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى إِذا كَانَ من آخر اللَّيْل ألقيت كَأَنِّي خَفَاء، حَتَّى تعلوني الشَّمْس. فَقَالَ أنيس: إِن لي حَاجَة بِمَكَّة فَاكْفِنِي. فَانْطَلق أنيس حَتَّى أَتَى مَكَّة، فَرَاثَ عَليّ ثمَّ جَاءَ فَقلت: مَا صنعت؟ قَالَ: لقِيت رجلا بِمَكَّة على دينك يزْعم أَن الله أرْسلهُ. قلت: فَمَا يَقُول النَّاس؟ قَالَ: يَقُولُونَ شَاعِر، كَاهِن، سَاحر. وَكَانَ أنيس أحد الشُّعَرَاء، قَالَ أنيس: لقد سَمِعت قَول الكهنة، فَمَا هُوَ بقَوْلهمْ، وَلَقَد وضعت قَوْله على أَقراء (الشُّعَرَاء) فَمَا يلتئم على لِسَان أحد بعدِي أَنه (شَاعِر) ، وَالله إِنَّه لصَادِق وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ. قَالَ: قلت: فَاكْفِنِي حَتَّى أذهب فَأنْظر. قَالَ: فَأتيت مَكَّة (فتضيفت) رجلا مِنْهُم فَقلت: أَيْن هَذَا الَّذِي يَدعُونَهُ الصَّابِئ؟ فَأَشَارَ إِلَيّ فَقَالَ: الصَّابِئ. فَمَال عَليّ أهل الْوَادي بِكُل مَدَرَة وَعظم حَتَّى خَرَرْت مغشيا عَليّ. قَالَ: فارتفعت حِين ارْتَفَعت كَأَنِّي نصب أَحْمَر. قَالَ: فَأتيت زَمْزَم فغسلت عني الدِّمَاء وشربت من مَائِهَا، وَلَقَد لَبِثت يَا ابْن أخي ثَلَاثِينَ بَين لَيْلَة وَيَوْم مَا كَانَ لي طَعَام إِلَّا مَاء زَمْزَم، فَسَمنت حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَن بَطْني، وَمَا وجدت عَليّ كَبِدِي سخْفَة جوع. قَالَ: فَبينا أهل مَكَّة فِي لَيْلَة قَمْرَاء إِضْحِيَان، إِذْ ضرب على أسمختهم فَمَا يطوف بِالْبَيْتِ أحد، وَامْرَأَتَانِ مِنْهُم تدعوان إسافا ونائلة. قَالَ: فَأَتَتَا عَليّ فِي طوافهما فَقلت: أنكحا (إِحْدَاهمَا) الْأُخْرَى، قَالَ: فَمَا تناهتا [عَن] قَوْلهمَا. قَالَ: فَأَتَتَا عَليّ فَقلت: هن / مثل الْخَشَبَة غير أَنِّي لَا أكني، فانطلقتا [تُوَلْوِلَانِ] ، وَتَقُولَانِ: لَو كَانَ هُنَا أحد من أَنْفَارنَا. قَالَ: فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر وهما هَابِطَانِ قَالَ: فَمَا لَكمَا؟ قَالَتَا: الصَّابِئ بَين الْكَعْبَة وَأَسْتَارهَا. قَالَ: مَا قَالَ لَكمَا؟ قَالَتَا: إِنَّه قَالَ لنا كلمة تملأ الْفَم. وَجَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى اسْتَلم الْحجر فَطَافَ بِالْبَيْتِ هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>