للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرَ هذا إبراهيمُ اللقاني، ولم ينصَّ على كونِه تعريفًا، بلْ سَاقَ حُكْمًا يمكنُ منه أخذُ التعريفِ، فقالَ: "منها - أيْ: من شروط التقليد - أيضًا: أنْ لا يلفِّقَ بين قولين يتولّد منهما حقيقةٌ مركبةٌ لا يقولُ بها كلٌّ منهما" (١)، أيْ: لا يقولُ بصحتها كل من المجتهدين.

وقريبٌ ممَّا ذكره إبراهيمُ اللقاني ما ذكره علويّ السقاف؛ إذ يفهمُ أيضًا مِنْ سياقِ كلامِه أنَّ حقيقةَ التلفيقِ هي: أنْ يجمعَ المقلِّدُ بين قولي إمامين، تتولّدُ منهما حقيقةٌ واحدةٌ مركبةٌ، لا يقولُ بها كل مِن الإمامين (٢).

ونبّه علويّ السقافُ إلى أنَّ اتفاقَ الإمامين على بطلانِ نتيجةِ التلفيقِ إنْ كان التلفيقُ في قضيةٌ واحدةٌ، أمَّا إنْ كانَ تركيبُ القولين في قضيتين، فإنَّه لا يقدحُ؛ لعدمِ اتفاقِ الإمامين على البطلانِ (٣).

وقد ينازعُ بعضُ العلماءِ السقاف فيما ذكره (٤).

وقد ذَكَرَ بعضُ العلماءِ مصطلحَ: (التلفيق)، دونَ ذكرِ تعريفٍ له، وإنَّما أوردوا أمثلةً دالةً على أن مرادَهم به هو أنْ يجمعَ المقلّدُ بين قولي مجتهدين، بحيثُ يتولّدُ منهما حقيقةٌ مركبةٌ لا يقولُ بها كلٌّ مِن المجتهدين.


(١) منار أصول الفتوى (ص/ ٢١٤).
(٢) انظر: الفوائد المكية (ص/ ٨٥)، ومختصرها (ص/ ٤٢).
(٣) انظر: المصدرين السابقين، والاجتهاد ومدى حاجتنا إليه للدكتور سيد الأفغاني (ص/ ٥٥٣).
ونقل علويُّ السقاف في: الفوائد المكية (ص/ ٨٥)، ومختصرها (ص/ ٤٢) عن بعض الشافعية مثالًا يوضح المقصود بالقضية وبالقضيتين، فمثّل لإيضاح القضية الواحدة: بما إذا توضأ شخصٌ، فقلَّد الإمام أبا حنيفة في عدم النقض في مسِّ الفرج، والإمامَ الشافعي في عدم النقض بالفصد، فصلاته باطلة؛ لاتفاق الإمامين على بطلان طهارته.
ومثل للقضيتين: إذا قلّد إمامًا في عدم نقض الطهارة بمسِّ المرأة، وقلَّد إمامًا آخر في طهارة الخبث، فهنا قضيتان؛ لأنَّ الإمامين لم يتفقا على بطلان طهارته.
(٤) انظر: الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام للقرافي (ص/ ٢٣٣ - ٢٣٤)، والفتاوى الكبرى الفقهية لابن حجر الهيتمي (٤/ ٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>