للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولُ أبو إسحاقَ الشيرازي: "هذا جائزٌ، لا نزاعَ فيه" (١).

إذ المجتهدُ قد يجتهدُ في وقتٍ، فيؤديه اجتهادُه إلى قولٍ، ثمَّ يجتهدُ في وقتٍ آخر، فيؤديه اجتهادُه إلى قولٍ آخر غير الأولِ، وهذا أمرٌ لا إشكالَ فيه (٢)؛ لأنَّ اعتقادَ صحةِ القولين في وقتين ليس بمحالٍ عقلًا (٣).

يقولُ أبو الحسنِ الماوردي: "ليس أحدٌ مِنْ الفقهاءِ إلا وقد اختلفتْ عنه الروايةُ في الأحكامِ، فسمَّاها أصحابُهم روايات، وسمَّاها أصحابُ الشافعي أقاويل" (٤).

وتغيّرُ الرأي مأثورٌ عن أكابرِ العلماءِ منذُ عهدِ الصحابةِ - رضي الله عنهم - (٥).

وقد يعبِّرُ العلماءُ عن هذه الحالة بقولهم: في المسألةِ قولانِ، أو على قولينِ، ويكون مرادهم في وقتينِ (٦).

[المطلب الثاني: الترجيح بين أقوال إمام المذهب]

إذا تعددتْ أقوالُ إمامِ المذهبِ في مسألةٍ مِن المسائل - سواءٌ أكانت المسألةُ أصوليةً، أم فقهيةً - فوَرَدَ عنه في مسألةٍ واحدةٍ أكثرُ مِنْ قولٍ، فما المرجَّحُ منها؟


(١) شرح اللمع (٢/ ١٠٧٧).
(٢) انظر: أدب القاضي للماوردي (١/ ٦٧١)، وقواطع الأدلة (٥/ ٦١، ٧٥)، وشرح مختصر الروضة (٣/ ٦٢٤)، والبحر المحيط (٦/ ١١٩).
(٣) انظر: شرح الكوكب المنير (٤/ ٤٩٤).
(٤) أدب القاضي (١/ ٦٧٣). وانظر: قواطع الأدلة (٥/ ٧٥ - ٧٦)، وفرائد الفوائد للسلمي (ص / ٤٥).
(٥) انظر: حقيقة القولين للغزالي، منشور في: مجلة الجمعية الفقهية السعودية، العدد: الثالث (ص/ ٢٨٠).
(٦) انظر: المصدر السابق، وتقريرات الشربيني على شرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>