للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: التمذهب من نشأته إلى نهاية القرن الثالث الهجري]

سَبَقَ وأنْ بينتُ في المبحثِ السابقِ أنَّ اللبناتِ الأُولى للتمذهبِ كانت موجودةً في زمنِ تلامذةِ الصحابةِ - رضي الله عنهم -.

وقد بدأت نشاةُ التمذهبِ مع تلامذةِ الأئمةِ، إذْ هم الذين أسسوا المذاهبَ، وأقاموا أصولَها وفروعها.

ويمكنُ القول بأنَّ التمذهبَ كان موجودًا في عصورِ الأئمةِ؛ فبعض متمذهبي المالكيةِ (١) قد التقى بالإمامِ الشافعي (ت: ٢٠٤ هـ)، وحصلت بينهما مساجلاتٌ علميةٌ (٢).

واللافتُ للنظرِ وقوعُ التعصبِ لبعضِ الأئمةِ في أوائلِ القرنِ الثالثِ الهجري (٣).

يقول ابنُ حزمٍ بعد استنكارِه لأحوالِ المتمذهبين: "وليَعلمْ مَنْ قَرَأ كتابَنا أنَّ هذه البدعةَ العظيمةَ، نعني: التقليدَ، إنَّما حدثتْ في الناسِ، وابتُدِئ بها بعد الأربعين ومائة مِنْ تاريخِ الهجرةِ، وبعد أزيد مِنْ مائةِ عامٍ وثلاثين عامًا بعد وفاة رسول الله ... " (٤).

ولن أقف مع كلامِ ابنِ حزم فيما يتصل بحكمِ التمذهبِ - الذي يسميه


(١) هو: فتيان بن أبي السمح المالكي.
(٢) انظر: ترتيب المدارك للقاضي عياض (٣/ ٢٧٩).
(٣) انظر: المصدر السابق (٣/ ٢٨٠)،
(٤) الإحكام في أصول الأحكام (٦/ ١٤٦). وقارن بملخص إبطال القياس والرأي لابن حزم (ص/ ٥، ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>