للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَنْ قال: إنَّ اختلافَ مجتهدي العصرِ على قولين إجماعٌ منهم على انحصارِ الصواب في القدرِ المشتركِ بين أقوالِهم، مَنَعَ إحداثَ قولٍ ثالثٍ إنْ رَفَعَ ما اتفق عليَه القولانِ السابقانِ، وإنْ لم يرفعْ ما اتفقا عليه، جوَّز القولَ به، وهذا ما ذَهَبَ إليه أصحابُ القولِ الثالثِ.

[المسألة الثانية: التلفيق في التقليد]

تُعدُّ مسألة: (التلفيق في التقليد) أشهر مسائلِ التلفيقِ، وهي التي كَثُرَ كلامُ العلماءِ فيها، وقد اختلفتْ وجهاتُهم وأقوالُهم في المسألةِ اختلافًا بيّنًا، ويحسن قبلَ الشروعِ فيها التنبيه إلى أنَّ التلفيقَ إنْ أدّى إلى تتبعِ الرخصِ، فله حكمُ مسألةٍ: (تتبع الرخص)، وقد تقدّمَ الحديثُ عنها.

• صورة المسألة:

هلْ للمكلَّفُ أنْ يجمعَ بين قولِ مجتهدٍ وقولِ مجتهدٍ آخر في مسألةٍ واحدةٍ - أو كالواحدة - بحيثُ ينتهي جمعُه إلى أنْ تكونَ الهيئةُ التي نتجتْ عن الجمعِ لم يقلْ أحدٌ مِن المجتهدين بصحتِها؟

• تحرير محل النزاع:

قبلَ ذكرِ تحريرِ محل النزاعِ يحسنُ القولُ بأنَّ مسائل التلفيق تتعلقُ بما اختلفَ فيه العلماءُ مِن الأمورِ الظنيةِ، أمّا ما عُلِمَ مِن الدّينِ بالضرورةِ، وما يكفرُ جاحدُه، فإنَّ التلفيقَ لا يدخلُ فيه (١).

ويمكنُ تحريرُ محلِّ النزاعِ في المسألةِ بقول الآتي: اتفق العلماءُ على عدمِ جوازِ التلفيقِ بين المذاهبِ إنْ ترتبَ عليه استباحةُ المحرماتِ.

يقولُ الشيخُ محمد الباني: "التلفيقُ الباطلُ لذاتِه، مردودٌ بالاتفاقِ، وينبغي أنْ لا يُعْبَأَ به البتة" (٢).


(١) انظر: عمدة التحقيق للباني (ص/١٢٨).
(٢) المصدر السابق (ص/ ١٢١). وانظر: تبصير النجباء للدكتور محمد الحفناوي (ص/ ٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>