للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الرابع: الفرق بين التلفيق وتتبع الرخص]

يعدُّ الحديث عن التفرقةِ بين التلفيقِ، وتتبعِ الرخصِ مِن الأمور المهمّةِ المكملةِ لمسائلهما، ولتحريرِ الفرقِ بينهما لا بُدَّ مِن تعيينِ ما يشتركانِ فيه.

بتأمّلِ تتبعِ الرخصِ والتلفيقِ أجدُ أنَّهما يتفقانِ في أنَّ كلًّا منهما عبارة عن أخذِ قولِ غيرِ إمامِ المذهبِ، والغالب أنَّه مِنْ مذهبٍ آخر.

وللتفريق بين التلفيقِ، وتتبعِ الرخصِ يتعيّن تحديد وجهةِ النظرِ في معنى التلفيقِ، أهو بالمعنى الواسعِ، أم بالمعنى الضيق؟ وقد اتجهت في حديثي عن التلفيقِ إلى المعنى الثاني.

مِنْ خلالِ تأمّلِ حقيقةَ تتبعِ الرخصِ، والتلفيقِ يمكنُ التوصل إلى الفروقِ الآتية:

الأول: أنَّ ضابطَ تتبعِ الرخص هو: الأخذ بأخفِّ الأقوالِ - سواءٌ أتبع الأخذ تلفيق، أم لا (١) - وضابطَ التلفيقِ هو: تركيبُ كيفيةٍ لا يقولُ أحدٌ من المجتهدين بصحتها، سواءٌ أتضمّن ترخصًا، أم لا.

الثاني: يصدقُ تتبع الرخص على مَنْ أَخَذَ بالرخصِ مِنْ أبواب مختلفةٍ - كما لو تتبع رخص الطهارة والزكاة مثلًا - بخلافِ التلفيقِ، فلا بُدَّ مِنْ أنْ يكون في مسألةٍ واحدةٍ، أو كالواحدة.

الثالث: أنَّ تتبعَ الرخصِ في الغالبِ مقصودٌ، أمَّا التلفيق، فقد يكونُ مقصودًا، وقد يَقَعُ اتفاقًا عن غيرِ قصدٍ.


(١) انظر: أصول الفقه للدكتور بدران أبو العينين (ص/ ٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>