للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني: نقد مشروع توحيد المذاهب الفقهية]

إنَّ النقدَ الموجّهَ إلى أيِّ عملٍ ومشروعٍ علمي لا يعني توجُّهه إلى مَنْ كَتَبَه، ما دام النقدُ سالمًا مِن التجريحِ الشخصي، وفي هذا المبحثِ سأنتقدُ المشروعَ المقترحَ في ضوءِ المحورين الآتيين:

المحور الأول: نقدُ فكرةِ توحيدِ المذاهبِ.

المحور الثاني: نقدُ المشروعِ العملي المقترح لتوحيدِ المذاهبِ.

المحور الأول: نقدُ فكرةِ توحيدِ المذاهبِ.

إنَّ الدعوةَ إلى توحيدِ المذاهب بحيثُ نكوّن مذهبًا واحدًا مُلفّقًا مِن المذاهب الفقهيةِ المتبوعةِ، يُؤخَذُ منهَا القول الذي يشهدُ له الدليلُ، أمرٌ في غايةِ الصَعوبةِ؛ وذلك للآتي:

الأول: أنَّ غالبَ الفقهِ مِنْ قبيلِ المسائلِ الاجتهاديةِ التي لم يقمْ عليها دليل قاطعٌ، وهذه المسائلُ لا يُجْزَمُ فيها بخطإِ المخالفِ، فكيفَ يحصلُ الاختيار فيها؟ ! ولا سيما أنَّ بعفنصوصِ الكتاب والسنةِ تحتملُ أكثرَ مِنْ وجهٍ، فكلا الفريقينِ في المسألةِ يعتمدانِ على نصٍّ واحدٍ، كلٌّ منهما فَهِمَه في ضوءِ الأصولِ التي يسيرُ عليها، فمِثلُ هذه المسائلِ يصعبُ أنْ تَتَحّدَ فيها أقوالُ العلماءِ.

يقولُ أبو شامةَ المقدسي: "نصوصُ القرآنِ والسنةِ تحتمل وجوهًا مِن التأويلِ، وطُرُقُ العربيةِ ومجاريها واسعةٌ، فلكلِّ قولٍ منها دليلٌ" (١).


(١) خطبة الكتاب المؤمل للرد إلى الأمر الأول (ص/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>