للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول: ظهور المناظرات الفقهية]

مِن الآثارِ الإِيجابيةِ المهمّةِ للتمذهبِ: ظهورُ المناظراتِ والمساجلاتِ الفقهيةِ والأصوليةِ بين أربابِ المذاهبِ المُختلفةِ؛ بُغْيَةَ الاستدلالِ للمذهبِ والانتصارِ له بإِبرازِ أدلتِه، وإِظهارها (١).

وقد عُرِّفَت المناظرةُ في الاصطلاحِ بعدَّة تعريفات، ساقَ طَرَفًا منها إِمامُ الحرمين الجويني في كتابِه: (الكافية في الجدل) (٢)، وقد انتهى إِلى تعريفِها بأنَّها: "إِظهارُ المتنازعَينِ مقتضى نظرتِهما على التدافعِ والتنافي في العبارةِ، أو ما يقوم مقامَها مِن الإِشارةِ، والدلالةِ" (٣).

وقد يقول قائلٌ: إِنَّ العلماءَ السابقين جَمَعوا الأدلةَ، وما وَرَدَ عليها مِن الاعتراضاتِ، فليس في المناظرةِ مزيدُ فائدةٍ للاتِّساعِ في الاستدلالِ (٤).

أجابَ عن هذا السؤالِ الوزيرُ ابنُ هبيرةَ بما مفاده: على فَرْضِ التسليمِ بأنَّ العلماءَ السابقين جمعوا الأدلةَ، فإنَّ لإِقامةِ المناظرةِ فائدةً للمناظِرِ نفسِه في إِعادةِ محفوظِه، ودراسةِ ما عَلِمَه (٥).

وللمناظرةِ فوائدُ أخرى متعددةٌ، وليس المقامُ متَّسِعًا للحديثِ عنها (٦).


(١) انظر: المنتخل في الجدل للغزالي (ص/ ٣٦٠)، والمدخل في الفقه الإِسلامي للدكتور محمد شلبي (ص/ ١٣٢)، والاجتهاد في الفقه الإِسلامي لعبد السلام السليماني (ص/ ٣٢٢).
(٢) انظر: (ص /١٩ - ٢١).
(٣) الكافية في الجدل (ص/ ٢١).
(٤) انظر: المسودة (٢/ ٩٥٨)، وأصول الفقه لابن مفلح (٣/ ١٤١٣)، والتحبير (٧/ ٣٧٠٢).
(٥) انظر: المصادر السابقة.
(٦) انظر بعض فوائد المناظرات في: أصول الجدل والمناظرة للدكتور حمد العثمان (ص/ ١٦٥ - ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>