المبحث السابع: عمل المتمذهبُ عند اختلاف أصحابه في تعيين المذهب
قد يقفُ المتمذهبُ في مذهبِه أمامَ بعضِ المسائل - سواءٌ أكانت المسألةُ أصوليةً، أم فقهيةً - على اختلافٍ بين أربابِ مذهبِه في تعيين المذهبِ، إذ قد يقولُ بعضُهم: المذهبُ الإباحةُ مثلًا، ويقول آخرون: المذهبُ الاستحبابُ، فما الذي يصنعه المتمذهبُ في هذه الحالةِ؟
اهتمّت المذاهبُ الفقهيةُ المتبوعةُ بالحديثِ عن ضوابطِ الترجيحِ في المذهبِ عند حصولِ اختلافٍ بين المتمذهبين في تعيينِه، وسوفَ أشيرُ إلى أبرزِ الطرقِ التي يعتمدُ عليها المتمذهبون في هذه الحالةِ، دونَ خوضٍ في تفاصيلها، كالترجيحِ بالكتبِ واختيارِ شيوخ المذهبِ ونحو هذا؛ وذلك لخصوصيةِ كلِّ مذهبٍ على حِدَةٍ.
ومِنْ جهةٍ أخرى: فإنَّ الضوابطَ التي ذكروها غيرُ مطّردةٍ في كلِّ المسائلِ (١)، بلْ قد يقعُ في المذهبِ الواحدِ اختلافٌ، فيرجِّح أهلُ قُطْرٍ ما
(١) للاطلاع على نماذج من الضوابط المذهبية في الترجيح، انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ١٢٦)، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام (٢٠/ ٢٢٧ - ٢٢٨)، والذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب (٢/ ٣٥٧ - ٣٥٨)، وكشف النقاب الحاجب لابن فرحون (ص/ ٦٨، ٧٠ - ٧٤)، وتبصرة الحكام له (١/ ٧٠ وما بعدها)، وفرائد الفوائد للسلمي (ص/ ٨٥)، وتصحيح الفروع للمرداوي (١/ ٣١ - ٣٢)، والإنصاف (١/ ١٦ - ١٧)، والفتاوى الفقهية الكبرى للهيتمي (١/ ٢٣٤)، والدر النضيد للغزي (ص/ ٢٠٠)، والفوائد المكية للسقاف (ص/ ٦٣، ١٥٥)، ومختصرها (ص/ ٧٢)، وشرح عقود رسم المفتي لابن عابدين (ص/ ٧٠)، والبهجة في شرح التحفة للتسولي (١/ ٢١)، وفتح العلي المالك لعليش (١/ ٧٢)، ودرر الحكام لعلي حيدر (١٦/ ٥٥٠ - ٥٥٣)، والاختلاف الفقهي لعبد العزيز الخليفي (ص/ ٢٥٨)، وأصول الفتوى والقضاء للدكتور محمد رياض (ص/ ٥٢٨ وما بعدها، ٥٥٢ وما بعدها)، ونظرية الأخذ بما =