للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول: عمل المتمذهب إذا خالف مذهبه الدليل]

إنَّ أيَّ مذهبٍ فقهي مهما بَلَغَ إمامُه في العلمِ من درجاتٍ كبيرةٍ لا يخلو مِنْ أقوال مرجوحةٍ فيه، ومِنْ مسائل خالفَ فيها إمامُ المذهبِ دليلًا مِن الأدلةِ؛ إذ الأئمةُ بشرٌ يصيبون ويخطئون (١).

يقولُ الإمامُ الشافعي: "ما مِنْ أحدٍ إلا وتذهبُ عليه سنةٌ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وتعزبُ عنه" (٢).

وغنيٌّ عن القولِ الإشارةُ إلى أنَّ أئمةَ المذاهبِ لم يتعمدوا مخالفةَ الدليلِ الشرعي، فهم مُبَرّؤون مِنْ ذلك (٣)، وإذا وقعَ واحدٌ منهم في مخالفةِ الدليلِ؛ فلسببٍ من الأسبابِ التي يُعْذَرُ فيها بتركِ العملِ بالدليلِ.

يقولُ الإمام الشافعي: "أمَّا أنْ نخالفَ حديثًا عن رسولِ الله ثابتًا عنه، فأرجو أنْ لا يُؤْخَذَ ذلك علينا إنْ شاء الله.

وليس ذلك لأحدٍ، ولكنْ قد يجهلُ الرجلُ السنةَ، فيكون له قولٌ يخالفها، لا أنَّه عَمَدَ خلافَها" (٤).


(١) انظر: الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (٦/ ١٠٧).
(٢) أخرج قولَ الإمام الشافعي: البيهقي في: مناقب الإمام الشافعي (١/ ٥٧٥)؛ وابن عساكر في: تاريخ دمشق (٥١/ ٣٨٩).
وانظر: خطبة الكتاب المؤمل لأبي شامة (ص/ ١٢٩)، وإعلام الموقعين (٤/ ٤٦)، ومعنى قول الإمام المطلبي لتقي الدين السبكي (ص/ ٧٦ - ٧٧)، وإيقاظ همم أولي الأبصار للفلاني (ص/ ٢٥٢) ط/ دار الفتح.
(٣) انظر: الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (٦/ ١٠٧).
(٤) الرسالة (ص/ ٢١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>