للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذاهبِ (١)؛ لأنَّ منشَأَ دعوته هو النظر إلى مصلحةِ المتخاصِمَينِ والمستفتينَ.

عرض المشروع:

لم ينصَّ جميعُ دعاةِ توحيدِ المذاهب على مشروعٍ معيَّنٍ، بلْ دعا بعضُهم إلى توحيدِها، دون أنْ ينصَّ على طريقِ توحيدِها.

وقد أسهم آخرون في هذا المجالِ، وذكروا مشروعًا، وبيّنوا مضمونَه، ومِنْ أهمِّ ما وقفتُ عليه - فيما رجعتُ إليه مِنْ مصادر - ما عرضه الشيخُ محمدٌ الباني، وما عرضه الأستاذُ محمدٌ عيد عباسي، وسوف أذكر ما قاله كلُّ واحدٍ منهما في هذا الشأن، مكتفيًا بهما (٢).

أولًا: مشروعُ الشيخِ محمد الباني:

بيَّن الشيخُ محمدٌ الباني مشروعَه، وأوجزَه في الأسطرِ الآتية، فقالَ: "يريدُ دعاةُ الوحدةِ الأخذَ مِنْ كلِّ مذهبٍ بما كان دليلُه أقوى من كتابٍ وسنةٍ ثابتةٍ؛ مراعاةً للاحتياطِ بالنسبةِ لأهلِ العزائمِ.

كما يريدون الأخذَ بالأيسرِ مِنْ كلِّ مذهبٍ؛ رفقًا بضعفِ أربابِ الرخصِ، بالشروطِ المخصوصةِ؛ وفقًا لمقتضى يسرًا لدينِ وتسامحِه؛ خشيةَ تهاونِهم بالتكاليفِ إذا شُدّد عليهم.

وكذلك يريدُون الأخذَ مِنْ كلِّ مذهبٍ في المعاملاتِ والعقوباتِ والقضاءِ بما هو أقربُ لروحِ الزمانِ ومقتضياتِ العمرانِ، وأوفقِ


(١) انظر: الفقه الإسلامي ومدارسه لمصطفى الزرقا (ص/ ٨٥ - ٨٦)، وفتاوى مصطفى الزرقا (ص/٣٦٩).
(٢) كان الشيخ محمد رشيد رضا من أوائل الدعاة إلى توحيد المذاهب، لكنْ لم أقف على مشروعٍ عملي له في هذا المقام - فيما رجعت إليه من مصادر - وإنما كانت دعوته على وجه العموم، ومما بيّنه في هذا المقام ما ذكره في: مجلة المنار (٤/ ٦٩٢) أنَّ ما يريده من توحيد المذاهب - الذي سماه أيضًا بالوحدة الإسلامية - هو تحكيم الأدلة، واستخلاص مذهب واحد ملفق منها. وانظر: مسيرة الفقه الإسلامي المعاصر للدكتور شويش المحاميد (ص/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>