سأطرُق مسألةَ:(تفضيل مذهبٍ مِن المذاهبِ) في ضوءِ الفقرتين الآتيتينِ:
الفقرة الأولى: هل يجوزُ تفضيلُ مذهبٍ على غيرِه؟
الفقرة الثانية: نماذجُ مِنْ أقوالِ بعضِ العلماءِ في تفضيلِ مذهبِهم على غيرِه.
الفقرة الأولى: هلْ يجوزُ تفضيلُ مذهبٍ على غيرِه؟
لا شكَّ في أنَّ الاختلافَ الأصولي والفقهي واقعٌ بين المذاهبِ المتبوعةِ، ويبعدُ اتفاقُ أقوالِ مذهبٍ مع مذهب آخر في جميعِ المسائل أو غالبِها، ولذا فالمذاهبُ تختلفُ بحسب قربِهَا أو بُعدِها مِن الصوابِ في المسائلِ، لكنْ هلْ يجوزُ تفضيلُ مذهبٍ عَلى غيرِه؟
تعددتْ أقوالُ العلماءِ في الحديث عن تفضيلِ مذهبِهم على مذهب غيرِهم، ويظهرُ لي أن الأَوْلى عدمُ الخوضِ في تفضيلِ مذهبٍ بعينِه؛ لأنَّ الحديثَ عن تفضيلِ المذهب قد يكونُ طريقًا إلى الحطِّ مِنْ قدر أئمةِ المذاهب وعلمائها، وطريقًا إلى التعصَّبِ لها، والتمسكِ بها، وإنْ خالفت الصوابَ.
وسأبيّنُ حكمَ تفضيل مذهبٍ على مذهبٍ في ضوءِ الآتي:
أولًا: إنْ كانَ الباعثُ على الحديثِ عن فضلِ المذهبِ ومزيتِه، التعصّبَ له، وإيجابَ التزامِه في جميعِ المسائلِ وتحريم الخروجِ عنه، حتى ولو خالفَ الدليلَ: فإنَّه لا يجوز.
ثانيًا: إنْ كانَ للحديثِ عن تفضيل مذهبٍ على غيرِه مدخلٌ في التعصبِ والتفرقِ والاختلافِ: فهو مذمومٌ (١).