للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني: ازدهار النشاط في مجال التأليف]

لعلَّ مِنْ أبرزِ الآثارِ الإيجابيةِ الناشئةِ عن التمذهبِ ازدهارَ النشاطِ التأليفي في مختلفِ الموضوعاتِ المتعلقةِ بالفقهِ وأصولِه.

لقد أسهمَ متمذهبو المذاهبِ الفقهيةِ المتبوعةِ في خدمةِ مذاهبِهم، وتظافرتْ جهودُهم في هذا المجالَ، وتنوعتْ مؤلفاتُهم، وجميعها يسيرُ في خدمةِ المذهبِ، فكتبوا أكثرَ مؤلفاتِها بلسانِ عصورِ مؤلفيها، وجَعَلَ هذا المجهودُ الذي قامَ به أتباعُ المذاهبِ مِن المذهبِ الواحدِ مدرسةً فقهيةً أصوليةً متكاملةً.

وكثيرٌ مِنْ المؤلفاتِ التي خلَّفها أولئكَ العلماءُ تنطقُ بألوانٍ مِن المعارفِ والعلومِ، لا يمكنُ معها إلا الجزمُ بالأثرِ الإيجابي للتمذهبِ.

يقولُ الشيخُ عبدُ القادر بن بدران الحنبلي: "اعلمْ أنَّ أصحابَنا تفنَّنوا في علومِهم الفقهيةِ فنونًا، وجعلوا لشجرتِها المثمرةِ بأنواعِ الثمراتِ غُصُونًا، وشعَّبوا مِنْ نهرِها جداولَ تروي الصادي (١) ... ففرَّعوا الفقهَ إلى المسائل الفرعيةِ، وألّفوا فيها كتبًا ... ثمَّ أفردوا لما فيه خلافٌ لأحدِ الأئمة فنًّا، وسمّوه فنَّ الخلافِ .. " (٢).

ويمكن لي إبرازُ النشاطِ التأليفي الذي قامَ به متمذهبو المذاهبِ الفقهيةِ بذِكْرِ الفنونِ التي كتبوا فيها، وسأمثل لكلِّ فنٍّ منها ببعضِ


(١) الصادي: العطشان. انظر: المصباح المنير للفيومي، مادة: (صدا)، (ص/ ٢٧٦)، والقاموس المحيط، مادة: (صدى)، (ص/ ١٦٧٩).
(٢) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد (ص/ ٤٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>