للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مثال الفروق الفقهية، والأشباه والنظائر]

المثال الأول: يقولُ القاضي عبد الوهاب المالكي: "لا يجوزُ تفريقُ النيةِ على أعضاءِ الوضوءِ عند بعضِ أصحابِنا، ويجوزُ في الزكاةِ؛ وكلاهما عبادةٌ. الفرق بينهما: أنَّ الوضوءَ عبادةٌ مرتبطٌ بعضُها ببعض، يَفْسدُ أولُها بفسادِ آخرِها، والزكاةُ غير مرتبطِ بعضها ببعضٍ؛ لأنَّه لا يفسد أَولُها بفسادِ آخرِها.

وأيضًا: فإنَّ الزكاةَ يصحُّ أنْ تؤدّى مجتمعةً ومفرقةً، والنيةُ تصحب ما يُؤَدَّى على حسبِ إرادتِه، والوضوءُ لا يجوز أنْ يؤتى به مفترقًا تفريقًا كثيرًا، فافترقا" (١).

المثال الثاني: يقولُ جلالُ الدّينِ السيوطي تحتَ قاعدةِ: (الفضيلة المتعلقة بنفسِ العبادةِ أولى مِن المتعلقةِ بمكانِها): "هذه قاعدةٌ مهمةٌ، صرَّح بها جماعةٌ مِنْ أصحابِنا، وهي مفهومةٌ مِنْ كلامِ الباقين، ويتخرّج عليها مسائل مشهورةٌ:

منها: الصلاةُ في جوفِ الكعبةِ أفضلُ مِن الصلاةِ خارجها، فإنْ لم يرجُ فيها الجماعةَ، وكانتْ خارجها، فالجماعةُ أفضلُ.

ومنها: صلاةُ الفرضِ في المسجدِ أفضلُ منه في غيرِه، فلو كان مسجدٌ لا جماعةَ فيه، وهناك جماعةٌ في غيرِه، فصلاتُها مع الجماعةِ خارجة أفضلُ مِن الانفرادِ في المسجدِ ...

ومنها: القُرْبُ مِن الكعبةِ في الطوافِ مستحبٌ، والرَّملُ (٢) مستحبٌ، فلو منعته الزّحمةُ مِن الجمعِ بينهما، ولم يمكنه الرَّمل مع القُرْب، وأمكنه مع البُعْد، فالمحافظةُ على الرَّملِ مع البُعدِ أولى مِن المحافظةِ عَلى القُرْب بلا رَمَل؛ لذلك" (٣).


(١) الفروق الفقهية (ص/ ٧٥ - ٧٦).
(٢) الرَّمل: الهرولة. انظر: المصباح المنير للفيومي، مادة: (رمل)، (ص/ ١٩٨)، والقاموس المحيط، مادة: (رمل)، (ص/ ١٣٠٢).
(٣) الأشباه والنظائر (١/ ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>