للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: نشأة المذاهب الفقهية]

لم تكنْ نشأة المذاهبِ الفقهيةِ - سواءٌ ما بقي منها، أو ما فَنِيَ - في وقتٍ واحدٍ، وإنَّما نشأَ أكثرُها في وقتٍ متقارب (١)، وقبلَ الحديثِ في هذا المطلب، أشيرُ إلى أنَّني لا أتحدثُ عن نشأةِ مذهبٍ بعينِه، ولا أكتبُ تاريخًا لَه، وإنَّما الحديثُ عن نشأةِ المذاهبِ الفقهيةِ على جهةِ العمومِ.

يصحُّ لي في البدءِ أنْ أقولَ: إنَّ نشأةَ المذاهب الفقهيةِ كانت نابعةً مِن المدارسِ الموجودةِ في تلك العصور (٢)، فأعلامُ المَذاهب وأئمتها تخرجوا فيها (٣)، ورأسُ المدارسِ الفقهيةِ آنذاك مدرستانِ:

المدرسة الأولى: مدرسةُ الأثرِ.

المدرسة الثانية: مدرسةُ الرأي (٤).

يقولُ الحافظ ابنُ رجبٍ: "اقتضتْ حِكْمَةُ الله سبحانه أنْ ضَبَطَ الدِّينَ وحفظَه، بأنْ نَصَبَ للناس أئمةً - مجتمعًا على علمِهم ودرايتِهم وبلوغِهم الغايةَ المقصودةَ في مرتبةِ العلمِ بالأحكامِ والفتوى - مِنْ أهلِ الرأي


(١) انظر: الاجتهاد والتقليد للدكتور محمد الدسوقي (ص/ ١٧١).
(٢) انظر: المدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (١/ ١٨٦)، والمذاهب الفقهية للدكتور فوزي فيض الله (ص/٢٦).
(٣) انظر: المدخل إلى دارسة المذاهب للدكتور عمر الأشقر (ص/ ٤٦).
(٤) انظر: المصادر التي ذكرتها في المطلب الأول (ص/ ٦٠٨)، حاشية رقم (٣)، ومعالم السنن للخطابي (١/ ٥)، والملل والنحل للشهرستاني (١/ ٤٧٦)، وتمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية لمصطفى عبد الرازق (ص/ ٢٠٥)، والاجتهاد في الفقه الإسلامي لعبد السلام السليماني (ص/ ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>