للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: الإعراض عن الاستدلال بالكتاب والسنة الثابتة]

لا يخفى على أحدٍ أنَّ أساسَ الأحكامِ الشرعية هما: الكتابُ والسنةُ، وقد عُنِيَ الأصوليون بالحديثِ عن الجانبِ التأصيلي للاستدلالِ بهذينِ الدليلينِ، فقعدوا القواعدَ الأصوليةَ التي تكفلُ لمن التزمها الوصولَ إلى الحكمِ بطريقٍ صحيحٍ.

وقد حثَّ جمعٌ غفيرٌ مِن العلماءِ الناصحين على النظرِ في الأدلةِ، فمِنْ هؤلاءِ: أبو الوفاءِ بنُ عقيلٍ، فمِنْ كلماتِه: "الواجبُ النظرُ في الأدلةِ، فما أدّاه الدليلُ إليه كان مذهبُه بحسبِه ... ونعوذُ بالله مِن اعتقادِ مذهبٍ، ثم طَلَب تصحيحِ أصلِه، أو طلب دليلِه، وما ذلك إلا بمثابةِ مَنْ مَضَى في طريقٍ مُظْلمٍ بغيرِ ضياءٍ، ثم طَلَبَ لذلك الطريقِ ضياءً ينظرُ إنْ كان فيه بئرٌ أو سَبُغٌ أو ما شاكل ذلك، أو كان سليمًا، والذي يجبُ أن يكونَ الدليلُ هو المرشدُ إلى المذهبِ" (١).

وما مِنْ شكٍّ في أنّ إعراضَ كثيرٍ مِن المتمذهبين عن النظرِ في الكتابِ والسنةِ النبويةِ المطهرةِ؛ استغناءً بما في المذهب مِنْ أقوالٍ، مِن المصائب والمآسي التي تغلغلتْ في أذهانِ كثيرٍ مِنْ المتمذهبين (٢)، فظنّوا أنَّ الشريعةَ هي ما في مذهبِهم مِن الأقوالِ فحسب (٣)، فألبسوا المذهبَ لباسَ الدِّيْنِ.


(١) الواضح في أصول الفقه (١/ ٢٥٩).
(٢) انظر: الفوائد لابن القيم (ص/ ١٥٢)، وأضواء البيان (٧/ ٦١٧)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني (ج ٦/ ق ٢/ ٧٧٥ - ٧٧٦).
(٣) انظر: تاريخ الفقه لمحمد السايس (ص/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>