للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقبلَ أنْ أنتقلَ إِلى المطلبِ الرابعِ أنبّه إِلى أمرين:

الأمر الأول: أن أخذَ الرخصةِ المذهبيةِ لا يُسمّى تَتَبّعًا إِلَّا إِذا كان متكررًا؛ لدلالةِ المعنى اللغوي لكلمة (التتبع) عليه (١).

الأمر الثاني: قد تكونُ الرخصةُ خارجَ المذهب، وقد تكون مِنْ الأقوالِ والرواياتِ الموجودةِ في المذهبِ، وأكثرُ كلامِ الَعلماءِ في الرخصةِ الخارجةِ عن المذهبِ، كما تدلُّ عليه بعضُ التعريفاتِ السابقة (٢).

[المطلب الرابع: الفرق بين الرخصة من العالم، وزلة العالم]

تقدّمَ لنا في المطلب الثالثِ بيانُ أنَّ المرادَ بالرخصِ في مسألةِ: (تتبع الرخص) هي الرُّخص المَذهبيةُ، وقد جاءَ عن بعضِ العلماءِ التحذيرُ مِن الأخذِ بزلةِ العالمِ (٣)، فهلْ تدخلُ زلةُ العالمِ في الرّخصِ؟

قبلَ الحديثِ عن الفرقِ بين الرخصةِ مِن العالمِ، وزلتِه، لا بُدَّ مِنْ بيانِ المرادِ بزلةِ العالمِ؛ ليتسنى لنا معرفة الفوق بينهما.

المراد بزلة العالم:

كانَ لبعضِ العلماءِ حديثٌ عن عصمةِ الأنبياءِ عليهم الصلاةُ والسلامُ، وذكروا فيه المرادَ بالزلةِ، يقولُ أبو بكرٍ السرخسي: "أمَّا الزَّلةُ، فإِنه لا يُوْجَد فيها القصدُ إِلى عينِها أيضًا، لكن يُوجدُ القصدُ إِلى أصلِ الفعلِ ... " (٤).


(١) انظر: منار أصول الفتوى للقاني (ص / ٢١٣)، والنوازل الصغرى للوزاني (١/ ٣٨٤)، وأصول الفقه للدكتور عياض السلمي (ص/ ٤٩٢).
(٢) انظر: غذاء الألباب للسفاريني (١/ ٢٢٥).
(٣) انظر: المدخل إِلى السنن الكبرى للبيهقي (٢/ ٢٨٣ وما بعدها)، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (٢/ ٩٧٩ وما بعدها)، وإِعلام الموقعين (٣/ ٤٥٤ وما بعدها).
(٤) أصول السرخسي (٢/ ٨٦). وانظر: كشف الأسرار للبخاري (٣/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>