للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الرابع: أسباب بقاء المذاهب الفقهية الأربعة]

لم تخلُ الأمصارُ الإسلاميةُ في القرونِ الأُولى مِنْ وجودِ العلماءِ المجتهدين، فقد كان هناك مذاهبُ قائمةٌ لبعضِ المجتهدين، في حينِ أنَّ عددًا ليس بالقليلِ مِنْ هذه المذاهبِ لم يكتبْ لها البقاءُ، وبات الأمرُ على وجودِ المذاهب الفقهيةِ الأربعةِ المشهورةِ: المذهب الحنفي، والمذهب المالكي، والمذَهب الشافعي، والمذهب الحنبلي (١).

يقولُ الشيخُ محمدٌ أبو زهرة عن المذاهبِ الأربعةِ: "وهذه كما يعبِّرُ الفقهاءُ: (مذاهب الأمصار)، أي: أنَّها التي انتشرتْ في الأمصارِ الإسلاميةِ، ولا يخلو مِصْرٌ منها، فلا يمكنُ أنْ يوجد مِصْرٌ إسلاميٌّ خالٍ منها، وقد يخلو مِنْ بعضِها، ولا يخلو مِنْ كلِّها" (٢).

وسوف أعرضُ في هذا المطلبِ عددًا مِن الأسباب التي توافرتْ لهذه المذاهبِ، فأسهمتْ في بقائِها عقودًا، بلْ قرونًا متطاولةً إلى وقتنِا الحاضرِ.

وليس بخافٍ أنَّ الأسبابَ التي سأذكرُها قد تتوافرُ جميعُها لمذهبٍ واحدٍ، وقد يتوافرُ بعضُها لمذهبٍ آخر.


(١) انظر: محاضرات في تاريخ المذهب المالكي للدكتور عمر الجيدي (ص/ ٩).
(٢) تقديم محمد أبو زهرة لنظرة تاريخية في حدوث المذاهب لأحمد تيمور (ص/ ٢٢ - ٢٣).
وانظر: مقدمة ابن خَلدون (٣/ ١٠٥٠)، والفوائد البهية للكنوي (ص/ ٩)، والفكر السامي لمحمد الحجوي (٣/ ٦٥)، والفقه الإسلامي ومدارسه لمصطفى الزرقا (ص/ ٧٣)، والاجتهاد ومدى حاجتنا إليه للدكتور سيد الأفغاني (ص/ ٥٧)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي لمحمد محجوبي (ص/١١٧ - ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>