للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتجدرُ الإشارةُ قبلَ الشروعِ في ذكرِ الاسبابِ إلى أمرين:

الأمر الأول: أنَّ مِن الأسبابِ التي سأذكرها ما يكون سببًا في بقاءِ المذهبِ، وهو أيضًا في الوقتِ ذاتِه سببٌ في شيوعِه وانتشارِه.

الأمر الثاني: سيكونُ حديثي مركّزًا على بيانِ أسبابِ بقاءِ المذاهبِ الأربعةِ، ولن أتحدثَ عن أسبابِ فناءِ المذاهبِ المندثرةِ، وإنْ ذُكِرَ شيءٌ منها، فعلى سبيلِ التتميمِ لأسبابِ بقاءِ المذاهبِ الأربعةِ.

أسبابُ بقاءِ المذاهبِ الأربعةِ:

السبب الأول: التلاميذ النجباء (١).

لقد كانَ لبعضِ الائمةِ المجتهدين تلاميذُ نجباءُ، أُعجِبوا بهم، وتأثّروا بمنهجِهم، فحملوا علمَهم، وأسّسوا لهم مذهبًا، وأخذوا أقوالَهم وآراءَهم فنشروها، ودوّنوها، وبثّوها في مؤلفاتِهم، وساروا على طريقتِهم في الفقهِ وأصولِه (٢)، بلْ كانَ الأمرُ عند بعضِ التلاميذِ في مؤلفاتِهم ومناظراتِهم ولقاءاتِهم المختلفة أنْ عارضوا أقوالَ الأئمةِ المجتهدين بقولِ إمامِهم (٣).

وقد أَدْرَكَ الأئمةُ المجتهدون أنفسُهم قيمةَ وجودِ التلاميذ لهم في بقاءِ


(١) انظر: تاريخ التشريع الإسلامي لمحمد الخضري (ص/ ٣٢٦)، والفقه الإسلامي ومدارسه لمصطفى الزرقا (ص/ ٧٢ - ٧٣)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور بدران أبو العينين (ص/ ٩٦)، والتقليد والإفتاء لعبد العزيز الراجحي (ص/ ٩٦)، والمدرسة البغدادية للمذهب المالكي للدكتور محمد العلمي (ص/ ١٣٢)، والمدخل للفقه الإسلامي للدكتور عبد الله الدرعان (ص/ ١٢٦).
(٢) انظر: تاريخ التشريع الإسلامي لمحمد الخضري (ص/ ٣٢٦)، وأسباب اختلاف الفقهاء لعلي الخفيف (ص/ ٢٥٧)، والتقليد والإفتاء لعبد العزيز الراجحي (ص/ ٩٦)، والفقه الإسلامي للدكتور سليمان العطوي (١/ ١١١)، والإمام الأوزاعي لعبد الستار الشيخ (ص/ ٢٦٣)، والمذاهب الفقهية لمحمد حمَّان (ص/ ٧٠) ضمن كتاب: الاجتهاد الفقهي، والمدخل لدراسة الفقه للدكتور حسين حسان (ص/ ٨٩).
(٣) انظر: المدرسة المالكية بالأندلس لمصطفى الهروس (ص/ ٤٨)، والإمام الشافعي للدكتور وهبة الزحيلي (٧/ ٦١) ضمن موسوعة الفقه الإسلامي المعاصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>