للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للاحتمال:

شاعَ استعمالُ مصطلحِ: (الاحتمال) في نقلِ المذهبِ عند فقهاءِ الحنابلةِ على وجهِ الخصوصِ، وكَثُرَ استخدامُهم له في مدوّناتِهم المذهبيةِ، ولم أقفْ على مَن استخدمه عند غيرِ الحنابلةِ، فيما رجعتُ إليه من مصادر (١).

تعريف الاحتمال عند الحنابلة:

الاحتمالُ: قابليةُ المسألةِ لأنْ يُقَالَ فيها بحكم غيرِ الحكم الذي قِيل فيها؛ لدليلٍ مرجوحٍ بالنسبةِ إلى دليلِ الحكمِ الأولِ، أو مساوٍ له (٢).

فإذا قيل عنْ حُكمِ الفرعِ: "فيه احتمال"، فيكون المعنى: أنَّ هذا الحكمَ قابلٌ ومتهيئٌ لأنْ يُقالَ فيه بخلافِ الحكمِ المذكورِ (٣).

يقولُ المرداويُّ: "الاحتمالُ الذي للأصحاب، قد يكون لدليلٍ مرجوحٍ بالنسبةِ إلى ما خالفه، أو لدليلٍ مساوٍ له" (٤).

والاحتمالُ في معنى مصطلح: (الوجهِ)، إلا أنَّ الوجهَ مجزومٌ بالفتيا به (٥) - وقد تقدمت الإشارة إلى هذا - فالاحتمالُ تبيينُ أنَّ ذلك الحكم صالحٌ لأنْ يكونَ وجهًا (٦)، فإذا اختارَ بعضُ علماءِ المذهبِ الحنبلي الاحتمالَ صار وجهًا لمَن اختارَه (٧).


(١) يقول الفيوميُّ في: المصباح المنير، مادة: (حمل)، (ص/ ١٣٢): "لاحتمال في اصطلاح الففهاء والمتكلمين، يجوز استعماله بمعنى الوهم والجواز، فيكون لازمًا؛ وبمعنى الاقتضاء والتضمّن، فيكون متعديًا، مثل: احتمل أن يكون كذا، واحتمل الحال وجوهًا كثيرة".
(٢) انظر: الاصطلاحات الفقهية عند الحنابلة للدكتور عبد الكريم اللاحم (ص/ ٢٣٣)، ومقدمة تحقيق التوضيح للشويكي (١/ ١١٢).
(٣) انظر: المطلع على أبواب المقنع للبعلي (ص/ ٤٦١).
(٤) الإنصاف (١٢/ ٢٥٧). وانظر: معونة أولي النهى لابن النجار (٩/ ٥٨٤).
(٥) انظر: المطلع على أبواب المقنع (ص/ ٤٦١)، والإنصاف (١/ ٦)، وشرح منتهى الإرادات للبهوتي (١/ ١٥).
(٦) انظر: المصادر السابقة.
(٧) انظر: الإنصاف (١٢/ ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>